الموضوع: بأقلامهم
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-2013, 07:13 PM   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية العضو

مزاجي:










عبدالله أبوعالي غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


ذكر

التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
عبدالله أبوعالي is on a distinguished road


 

ماذا فعلنا بأحلامنا؟

اسكندر حبش


في كتاب سابق له بعنوان «موعد حب في بلد يشهد حربا»، يروي لنا الكاتب الشيلي لويس سبولبيدا أقاصيص عديدة عن بلده في ظلّ حكم الدكتاتور السابق بينوشيه. حيث يعيد ترتيب تلك الذاكرة التي كادت تغيب ويفقدها إلى الأبد، في ظلّ ما جرى من أحداث. أميل كثيرا إلى استعادة العنوان حيث لا «أتعب» من ترداده، ما دامت هذه الجملة تخبرنا عن المستحيل، وبخاصة أننا خبرنا ذلك، طيلة سنين، في هذا البلد. في أيّ حال، جملة تقول المستحيل ما دامت تجعلنا وعلى الرغم من كل ما تحمله الحروب من أشياء نحلم ونأمل بحياة أخرى، بآمال مختلفة.
أتذكر ذلك وبين يديّ كتاب آخر له بعنوان «ظلّ ما كنّا عليه»، وعلى الرغم من أنه يستعيد فيه أيضا معرفته الكبيرة لسجون بينوشيه كما المنفى والرحيل والتنقل من بلد إلى آخر، إلا انه يستمر فيه بكتابة قصص حب من أجل «عجوزه كي يقرأها»، كما ليسحر قراءه المنتشرين اليوم في مختلف بقاع العالم.
بيد أن الزمن الذي يمضي، بالرغم من كونه محمّلا بالأسفار واللقاءات والندوات والكتابة، لا يمكن له أن يدمل الجروح والصدوع التي عرفها. إزاء ذلك كله، أصبح سبولبيدا راويا بدون حدود، كما ذلك المتمرد صاحب القلب الكبير، «ليصطاد» الحقد والحنين كي يعود إلينا بقصة مليئة «بالفيتامينات» (إذا جاز التعبير) وذات سرد يدفع إلى السخرية و«الغرابة»، تقع ما بين الرواية البوليسية (لكن الخارجة من إطارها المحدد) وما بين الحكاية السياسية، ليقترح علينا تساؤلا بدون نهاية، أي بدون جواب محدد: ماذا فعلنا بكل طوباوياتنا؟ ماذا فعلنا بأنفسنا؟
سؤال كبير بدون شك، إذ لا يزال يؤرق قسما كبيرا من مثقفي المرحلة الأخيرة من القرن المنصرم، الذين شهدوا العديد من أحلامهم وهي تنهار، بيد أن الكاتب لا يذهب إلى نوع من الشفقة على مصيره أو على جراحاته المشتركة، إذ لا يزال يرى في الأدب نوعا من الوجود الفعلي كماً ونوعاً من المقاومة الحقيقية، الذي يستطيع عبره أن يستدعي الماضي والصداقة وتلك الأحلام المستمرة والممكنة التحقق.
ربما هذا ما يهمنا اليوم، أي أن نعود لنكتب تلك الذاكرة التي نكاد نفقدها، ولا أعني أن ذلك غائب عن أدبنا، إذ عديدون هم من في لبنان ينحون صوب هذا الاتجاه، كأنهم يؤسسون بذلك لكتابة ذاكرة أرى من الضروري ألا تغيب، ولا سيما في ذلك الجزء المتعلق منها بالحرب الأهلية التي عرفناها وربما التي لا نزال نحيا أشكالها المختلفة. ربما كانت العودة إلى الذاكرة بهذا المعنى بمثابة رحلة أخيرة قبل أن نرمي أوهامنا ونقبل بحكم التاريخ، هذا التاريخ الذي بدل مصائرهم وغير أجسادنا وأرواحنا.

 

 

   

رد مع اقتباس