عرض مشاركة واحدة
قديم 05-08-2008, 11:24 PM   رقم المشاركة : 1
Exll في مدرسة " وادي العلي "


 

تحقيقا لرغبة أخي عضو المنتدى والمعروف باسم.. جبل الشعبه
الذي كتب لكم عن قصة الأكوات الثلاثه التي أهداها لنا الرجل الفاضل وصاحب العقل الرزين والخلق الرفيع [ يحيى بن صوهد ] وكانت جميعها بلون واحد ومقاس واحد وكنا نحن الإخوه الثلاثه ندرس في تلك السنة بالصف السادس عام 1382 هـ .
وقد جرت العاده بالعقاب للتلميذ المقصر بالضرب تارة وبأساليب أخرى إلا أن أسوأ عقاب للتلميذ الذي لا يحفظ درسه أو لا يحل الواجب ويتكرر منه ذلك : يمر به على كل فصل من فصول المدرسة من الصف الأول وحتى السادس ، وفي كل فصل (يُحرّج) عليه ويصيح عليه تلاميذ الفصل بصوت واحد: " يا بليد " ويُصفّقون عليه وهكذا في كل فصل بحيث يعلم عنه جميع تلاميذ المدرسة ويخبرون أهاليهم في البيوت بمعنى أن جميع أهالي وادي العلي يعلمون عن ذلك التلميذ،بمعنى آخر "فضيحة بجلاجل" .
وقد أدى هذا النوع من العقاب إلى ترك بعض التلاميذ الدراسة والهروب إلى المدن. ويبدو أن هذا العقاب قد راق لأحد المدرسين ، ولخلاف بينه وبين مدير المدرسة ، أراد أن يُطبقه على المدير . فما كان من ذلك المدرس _ ولي حق الاحتفاظ باسمه_ أنه حرّضنا على مدير المدرسة وكان في ذلك الوقت هو الأستاذ "حسين بن عبدان" وكان يدرسنا مادة التوحيد وكنا نحفظها عن ظهر قلب والويل كل الويل لمن لم يأت حافظاً،،
المهم أن المدرس قال لنا إذا دخل عليكم المدير فصيحوا عليه صيحه واحده وقولوا له "يا بليد" وصفقوا عليه واهربوا من الفصل وقد أعجبتنا الفكرة لعدم معرفتنا بالعواقب ولكن من يستطيع تنفيذها.
وقد خطرت على بالي قصة الفئران مع القط ،عندما اتفق الفئران على تعليق جرس في رقبة القط لسماعه إذا أتى ولكن من ُيعلق الجرس...
المهم..عندما دخل علينا المدير حاملاً عصاه في يده كعادته لم يستطع أحد منا أن ينطق بكلمه واحده وكنا ننظر إلى بعضنا البعض وكأن على رؤوسنا الطير ، وفي هذا الصمت الرهيب إذا بأحد الزملاء يصرخ بأعلى صوته في وجه المدير ويقول له..
يا بليد !! وصفق بيديه وخرج من الفصل بسرعه مطلقا ساقيه للريح حتى غاب عن الأنظار..
ولقد قابلت هذا الزميل العام الماضي في منزله بقرية الطرفين وسألته عما جرى له فقال لي:لقد وصلت إلى البيت وكان عندنا بنّايه،وسألتني أمي لماذا جئت يا ولدي..،قلت لها خوفاً من حسين بن عبدان لا يضربني.
قالت لي:إيش أحسن يا ولدي ضرب أبوك وإلا ضرب حسين بن عبدان..؟ فقلت لها..لا والله يا أمي ضرب حسين بن عبدان. فأعطتني كسرة من خبزة البناية وقالت يا ولدي ارجع مدرستك ولا يشوفك أبوك، قال وعندما خرجت إذا بي في عين أبي وسألني لماذا جئت؟ قلت له نسيت علبة الهندسة وجيت آخذها. قال لي : لا عاد تنسى مرة ثانية، قلت له : أبشر يا أبي.
فمشيت حتى طلعت على رأس جبل الشعبة وجلست في (مقلّع) رأس الجبل، أراقب المدرسة عن بُعد وآكل الخبزه حتى انصرف التلاميذ من المدرسة ورجعت للبيت، ولكنني لم أنم في تلك الليله منتظراً اليوم التالي..
وعندما وصلت المدرسة كان المدير في انتظاري..فاتجه نحوي وأمسك بيدي وقادني إلى الإدارة، وكنت أرتجف بين يديه ولم يكن أحد معنا في تلك اللحظة،،
فقال لي.. أنا أدري ان الحركة التي سويتها أمس ما هي من عندك وإنما أنت مُحرّض عليها فأخبرني عمن قالها لك ،فترددت ،فقال إذا أخبرتني من هو سامحتك، فقلت له : هل تسامحني إذا أخبرتك؟ فوعدني بذلك بشرط ألا أكررها مرّة ثانية فعاهدته على ذلك، وأخبرته بإسم ذلك المدرس. قال لي كنت أعرف من هو ولكني أحب أن أتأكد من ذلك حتى لا أظلمه.
بعدها قال لي إذهب يا إبني فقد سامحتك ...
قال رجعت إلى الفصل وأنا لا أكاد أُصدق أنه عفا عني ولكن العفو من شيم الكرام .كيف لا وهو الذي قابل الإساءة بالإحسان وتعامل مع المشكلة بالحكمة والعقل – رحمه الله رحمة واسعه وأسكنه فسيح جناته .

 

 

   

رد مع اقتباس