عرض مشاركة واحدة
قديم 01-26-2011, 10:48 PM   رقم المشاركة : 1
ابو عالي والهروب في الاتجاه المعاكس


 



(نشرت جريدة "اليوم" بالمنطقة الشرقية المقالة التالية في عددها الصادر يوم الأربعاء 15 صفر 1432هـ الموافق 19 يناير 2011م)


أبو عالي و الهروب في الاتجاه المعاكس

استمعت إلى جزء من الرواية قبل عدة سنوات ، وأعترف أنّ دهشة كبيرة اعترتني و أنا استمع إلى ذلك الجزء أو الأجزاء ، دهشةٌ هي بين التعجب و الإعجاب بهذا الرجل الذي له ما له من مقام و احترام سواء في منطقة الباحة حيث ولد و نشأ أو في مكة حيث تلقى تعليمه الجامعي و عمل في جامعة أم القرى ، أو في المنطقة الشرقية حيث تولى مسؤولية التربية و التعليم فترة طويلة شهدت بها ما يعرفه الجميع من الاتساع و التغيير ،مما جعله فعلا شخصية وطنية مرموقة ، إضافة إلى ما يحتله من مكانة لدى المثقفين و الأكاديميين على وجه الخصوص و الهالة التي استطاع أن يرسمها في أذهان كل من عرفه أو عمل معه أو تعلم على يديه و أتيحت له الفرصة للتعرف عن قرب على مدرسته الخاصة في التعامل الإداري والإنساني.
أما التعجب فهو خروج الرجل عن المألوف الذي اعتدناه ـ بصراحة ـ من الكثيرين، وخاصة هؤلاء الذين يتركون وراءهم ذكريات قاسية تستحيل بعون الله وتوفيقه ثم جدهم واجتهادهم إلى نجاحات توصلهم إلى المناصب العالية والدرجات الرفيعة اجتماعياً ومهنياً بل و مادياً أيضاً، فأكثر هؤلاء إما أن يتجنب الحديث عن مراحل الحياة الصعبة وأيامها القاسية، أو أنه ينكرها أو يتنكر لها ( وهم قلة ) ليوحي لمن حوله أنه ولد كما يقولون ( وفي فمه ملعقة من ذهب ) بينما هو لم يكن يعرف الملعقة أصلاً.
ذهبنا بعيداً بعد المسافة الزمنية بين صدور كتاب الدكتور سعيد عطية أبو عالي الأخير
( هروب إلى النجاح ) وبين أحداث مذكراته التي تضمنها الكتاب دون أن أذكر متى استمعت إلى أجزاء هذه الرواية التي أشرت إليها، فقد سبق لي أن استمعت إلى ذلك في أكثر من مناسبة، لكن الجزء الأكبر كان خلال تكريمه في اثنينية الشيخ عبد المقصود خوجة في مدينة جدة.
حين حضني الدكتور أبو عالي بواحدة من رقاع الدعوة التي يترك صاحب الاثنينية للضيف أن يوجهها لمن يشاء ، وهي تتضمن تكاليف السفر والإقامة فجزاهما الله خير الجزاء .
في تلك الليلة ورغم أنني سبق أن استمعت إلى بعض الرواية ـ كما ذكرت ـ إلا أن حديث الرجل وثقته بنفسه جعلاني أحس وكأنني أسمعها لأول مرة ، ففي حضور جلّه من أساتذة الجامعة و الأدباء والمثقفين المواطنين والمقيمين تحدث الرجل بثقة هي فعلاً ثقة من يحس بالنجاح ، استطاع معها أن يجعل كل من سمعه يتأكد أن الذي وصل إليه أبو عالي هو النجاح بعينه بلا شك.
لا أجدني بحاجة إلى رواية بعض الذي سمعت ، لأن ذلك موجود في صفحات الكتاب ( هروب إلى النجاح ) ، لكن الذي يمكن أن أقوله ـ بكل تأكيد ـ أن مذكرات أبو عالي لم تكن فقط سباحة عكس التيار تتحدى الصعوبات وتتغلب عليها، بل هي برهان على أن بيننا من يسيرون في الاتجاه المعاكس وينجحون ، لأن (أبو عالي) كان يهرب إلى النجاح، فيما يحاول الكثيرون الهروب من النجاح وينجحون للأسف أيضاً.
أما أن يصر أبو عالي ـ بعد أن ظنناه يتقاعد ـ أن يهرب إلى نجاح جديد، فتلك قصة أخرى تحتاج إلى حديث طويل ، والدعاء إلى العلي القدير أن يكلل مساعيه إلى مزيد من الهروب الجميل..
و الله الموفق ،،،
مصطفى حسن أبو الرز

مشرف تربوي وشاعر

 

 
























التوقيع



سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .

   

رد مع اقتباس