هاجم ألم شديد ضرسي المغروس في فكي الأسفل الأيمن, جفناي لم أغمضهما ليلة أمس, مكثت أمسك خدي بأصابعي,
وفي أحايين تضع والدتي قطعة قماش بعد تدفئتها بوضعها بالقرب من جمر متقد في حوض الملة,
إلا أن الألم تضاعف. وقبل أن يستيقظ قنديل السماء ليضيء جفن القرية؛
انتفضت من فراشي ومددت يدّي إلى الماء المنسكب كحبل من حنفية أسطوانية مركونة في فناء المنزل,
مررت الماء البارد على وجهي أحسست بانتفاخ ملحوظ في صفحة خدي الأيمن.
كانت والدتي بثوبها الزهري المزركش تقف في فرجة باب منزلنا, اقتربت مني,
ومسحت بأصابعها الدافئة خدي. قالت بعد أن أخرجت هواءً ثقيلاً جثم في صدرها:
ليت ما حل بك من ألم حل بي, ابتسمت لأخفف عنها,
وشعرت بأن كرة بلاستيكية محشورة في شدقي الأيمن؛ تعيق ابتسامتي, ربتت أمي على ظهري وقالت:
اذهب إلى عمك فرج فموعده الآن ليذهب ببضاعته إلى سوق الخميس,
أخبره أن يصطحبك إلى الدكتور.
لحظة وصولي منزل عمي شاهدت زوجته منيرة وكان وجهها ينضح بالود والطيبة,
نثرت مع طلائع الصبح كلاماً كثيراً, التقطت أذناي كلمتين: ..سلامتك يا سعد.
وكانت تستعجل رحيل زوجها بمساعدته في حمل أكياس صغيرة
ليضعها في فتحتين تدلتا من جانبي حماره الأبيض.
لف عمي الحبل وأحاطه بخاصرة الحمار, وأوثقه,
تحرك الحمار بعد أن وكزه عمي, وسرت خلفهما,
أثناء سيرنا كنت أتحسس وخزاً مؤلماً متواصلاً من ضرسي المسوس. المزيد
...........