عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-2009, 12:21 AM   رقم المشاركة : 2

 

يتبع لبقية الموضوع :


المدن الإسبانية

1-إشبيلية : وتسمى بالإسباني ( سيفيليا ) .. وقد اتفقنا نحن السعوديين مع الإخوة العرب المشاركين في الملتقى وهم من ليبيا والمغرب .. و استأجرنا حافلة حديثة ومريحة من مكتب سياحي يتسع لخمسة وعشرين راكبا .. بسائق ومرشد لمدة يوم كامل زرنا خلاله هذه المدينة ومدينة قرطبة





فاجأنا المشرف والمرشد البرتغالي على الحافلة بتعليمات لا تخلوا من القسوة والصرامة .. قائلا ممنوع الأكل والشرب .. ممنوع الوقوف أثناء سير الحافلة .. ممنوع رمي أي شيء في الباص .. اربطوا الأحزمة

وأضاف أنني أحترم مشاعركم كعرب ومسلمين لكن البوليس الأسباني صارم جدا في تطبيق النظام ولو شاهد شيئا من هذه المخالفات فأنه لا يرحم وسيغرم الراكب والسائق والشركة . . أثار دهشتنا التزام السائق بالتوقف بعد مائة كيلومتر في المحطة لمدة ربع ساعة .. وهذا حسب تعليمات البوليس .. والتوقف للراحة مدة ( 45 ) دقيقة بعد مسافة ( 200 ) كيلومتر .. التزامه كان تلقائيا بالرغم من أننا لم نستوعب كيف يستطيع البوليس مراقبته أو التأكد من توقفه

إن للعربان تأثيرا على أي مكان يمرون به .. ففي أثناء عودتنا ليلا .. ومع كثرة أهازيج مرافقنا الأخ مستور الشهراني .. وانتقال عدوى الأهازيج للوفد الليبي .. ثم اختلاطها .. كل ذلك سبب ربكة للمرشد البرتغالي لم يسبق أن شاهد مثلها .. ففقد شيئا من تركيزه .. وأصبح يقف بالباص ولا يربط الحزام .. ويتقبل ما يعطى من أكل خفيف .. ويصرف النظر عن الآكلين .. لقد جاورنا عدة ساعات .. وهكذا تعرب .. وتحول إلى (أعرابي ) لايحب النظام وأبدى تعاطفه مع الجميع مشيرا إلى عدم وجود أي تآلف مع الجموع الأوربية التي رافقها من قبل .. فالكل صامت وله ثقافته الخاصة به .....

من أهازيج مستور .. ونحن في الباص ( بلحن شهري ) على ثرى الأندلس :

ممنوع ... ممنوع ... آآآآآ ه

والبنيه تقول : ممنوع ممنوع من لماس روحي ....... والله لوكان غيرك.. م الخلايق لا قطع إيده

*******

عمتي خاينه .. والعم خاين .. والدوا .. خان ......... يالله يا خالق العمات لا بقيت عمه

*******




أما مدينة إشبيلية ( سيفيليا ) بالإسباني فهي قطعة فنية رائعة وتحفة نادرة من التراث العربي الخالص .. تنتصب هادئة على نهر الوادي الكبير الذي يقسم المدينة حيث كانت المعارك تدور رحاها بين المسيحيين والعرب على جانبيه أيام الدولة الأموية عند الفتح الإسلامي لها .. وعند خروج دولتي الموحدين والأغالبة منها .. التقطنا منها عشرات الصور لعلها تغنينا عن فقدانها .. ومنها هذا الحصن الحزين الذي قيل لنا إن العرب احتموا به فترة من الزمن حتى خارت قواهم فتركوه مهزومين تاركين به كميات كبيرة من الذهب هو خلاصة من جمعوه من ثروة أيام الغنى والعز :





أخذنا رحلة بحرية على النهر بدأت من جوار الحصن الذي غدا شموخه في مهب التاريخ .. ودخلنا وسط المدينة مسرعي الخطى بعد مشاهدتنا من مسافة قريبة : مئذنة ( الجيرالدا ) وكنت شخصيا من قبل زمن طويل في شوق لرؤيتها بعد أن قرأت عنها ولا زالت صورتها عالقة في ذهني .. غير مصدق أنني بجوارها... شاهد ت التشويه المسيحي الذي طال أعلاها فحولها من مئذنة عربية تصدح بالأذان والتكبير .. إلى صومعة ترن أجراسها على الكنيسة التي كانت يوما ما مسجدا عامرا بالمصلين





بجوار المئذنة قلعة بأسوار عالية ذات تصميم عربي .. والقلعة تضم قصرا مشهورا لأحد خلفاء بني أمية .. مع الأسف لم يكن الوقت يسمح لنا بدخولها .. بالرغم من وجود طابور طويل من الأجانب أمام بوابة القصر .. حضروا خصيصا لدخوله .. ومن المؤكد أنهم يعرفون عنه قبل مجيئهم .. ويتزودون بمعلومات من الكتب الباهظة الثمن التي تباع بجوار القصر تحكي فصولا تاريخية مصورة عنه

كان الزمن المخصص لنا ساعتين بينما المدينة تحتاج لعدة أيام للإلمام بكنوزها التاريخية .. ولأن الزيارة لهذه المدينة لم يكن مخططا لها مسبقا.. فقد كانت فكرة تمت على عجل

2-قرطبة : انتقل بنا الباص إلى هذه المدينة فكنا على موعد لمشاهدة عاصمة الدولة الأموية بالأندلس والتي كانت يوما ما منارة العلم والأدب والفن لكل أوربا .. هنا كان يفد الطلاب الأوربيون للتزود بالعلوم على يد العلماء المسلمين .. وقرطبه لا تقل روعة عن اشبيلية .. لكن تتفوق عليها بوجود مسجد قرطبة الذي بقي على حاله وشكله بمحرابه وأعمدته الرخامية وأقواسه التي تحمل أسقفا مزخرفة بالنقوش الإسلامية الجميلة بشكل لا يمكن وصفه .. هذا هو مسجد عبدالرحمن الداخل وبالجوار فصره الذي لا مثيل له في الروعة





لقد حصل لنا خلل في التخطيط .. وبكل صراحة اقترحت عليهم صلاة الظهر والعصر جمع تقديم في إحدى المحطات .. وقد وافق معي البرتغالي المشرف على الرحلة مقتنعا تماما بالفكرة .. وبعد توقفنا .. اعترض أحد العرب كعادة العربان .. قائلا نصلي في الجامع الأموي فوافقوه .. وكانت المفاجأة التى واجهتنا أن الصلاة ممنوعة تماما في المسجد .. ولم تنجح محاولتنا في إقناع البوليس بأهمية الصلاة في وقتها وأن الغروب قد اقترب .. أخيرا وافق على الصلاة قائلا :

priay but dont put your face on the ground

( صل .. لكن لا تضع وجهك على الأرض) ويشير بإصبعه على جبهته وعلى الأرض حتى نفهم .. وحتى يتضح المعنى منه لنا أكثر .. قال : صلي واقفا !!!!!!!!!!!! ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟






ضاع أكثر وقتنا المخصص للإطلاع على المدينة في البحث عن مصلى .. أخيرا وجدنا زاوية ضيقة .. في إحدى أزقة المدينة الخلفية .. صلينا بخفية وبسرعة .. ولله الحمد شعرنا بالراحة بعد أداء هذا الفرض في آخر وقته .. ولم نعد نهتم سوى بالعودة للباص في الوقت المحدد حرصا على تعليمات المشرف البرتغالي الشاب





غادرنا المدينة وفي النفس ألم وحسرة على ضياع هذه العاصمة العربية .. وعلى عدم إشباع رغبتنا في إكمال جولتنا بنواحيها

3-طليطلة ( توليدو ) :-
مدينة صغيرة وأيضا جميلة تقع على تل مرتفع وبجوارها نهر يحيط بها من عدة جوانب وتنتشرالقلاع والأسواروالحصون الحربية على جوانبها بالإضافة إلى القناطر.. وتسمى باللغة الأسبانية ( قندرة ) .. ما وجدناه هنا من مظاهر القوة التاريخية يعتبر أكثر من أي منطقة أخرى









أسواقها تشتهر ببيع الدروع والسيوف والتحف الحربية القديمة .. أما الأسعار فهي غالية جدا بشكل غير معقول

لفت نظرنا أحد الزملاء بوجود مطعم هندي .. وسررنا بأن صاحبه مسلم ..و عندما سألناه عن مكان للصلاة في المطعم أرشدنا إلى سكنه الخاص بالبدرون .. وخالجنا شعور بالاطمئنان عندما وجدنا سجادة الهندي المسلم .. وسهم على الجدار موجه نحو القبلة .. فتأكدنا إن شاء الله أنه صادق.. وقد ظهرت عليه مشاعر السرور عندما علم بقدومنا من الديار المقدسة.. وعبر عنها عمليا بتقديم أكواب الشاي مجانا

وهكذا نجد هذه المدينة تنضم إلى بقية المدن الأسبانية في اختفاء ( الله أكبر ) من كل بقاعها بعد أن كان تصدح في سمائها مدة ثمانية قرون

4-غرناطة : وما أدراك ما غرناطة .. مدينة تشتهر بجمالها وجمال موقعها والطريق إ ليها وأشياء أخرى تخلب العقول والألباب.. لا يجب أن تراها .. ولا بد أن تراها في طريقك .. وصلنا غرناطة بقطار حسبنا تحركه ووصوله بالثانية وليس الدقيقة حسب الوقت المحدد بعد أربع ساعات ونصف من مدريد .. كانت وجهتنا لقصر الحمراء الشهير آخر حصن إسلامي سقط بيد الأسبان.







تجولنا في نواحيه تحيط به الأسوار والقلاع.. ولكل قسم منه مسمى خاص أهمها القصر الخاص بالخليفة بما يحويه من (قاعة السفراء وقصر الحريم وبهو السباع ) هذه الأجزاء الأخيرة لم نتمكن من دخولها لخلل في التوقيت .. وارتباطنا بموعد تحرك قطار العودة .. مما ترك في النفس ألما آخر لوصولنا من أقصى ديارنا بالشرق .. ونحن على بعد أمتار منه ولم يتحقق لنا الأمل بدخول تحفة وآية من آيات الفن المعماري الأندلس .. وقد قيل لنا إن زوار هذه المدينة والقصر يندرج في المرتبة الثانية على مستوى العالم بعد الفاتيكان .. فالزوارلغرناطه وقصرها يتعدون العشرين مليون سنويا








من قرأ تاريخ هذه المدينة وما خطه الشعراء من مراثي مؤلمة بفقدانها .. ثم شاهد حالها وما بقي من آثارها الآن .. لا بد أن يبكيها .. ولو كان قلبه أقسى من الحجر ..فهي درة التاج العربي في الأندلس .. وآخر معاقلهم .. وآخر مدينة عربية سقطت بيد الأسبان عام 1492 ميلادية في عهد آخر حكامها من ملوك طوائف بني الأحمربالأندلس : أبوعبدالله محمد علي أبو الحسن النصري .. الذي سلم مفاتيح المدينة بعد حصار طويل وضحايا من جنده وقادته .. فلما بلغت القلوب الحناجر آثر النجاة بنفسه ومن تبقى معه .. ووقع وثيقة استسلام تتكون من سبع وستين بندا .. خرج منها باكيا .. فأقترن اسمه في التاريخ كآخر حاكم عربي ضاعت على يديه ديار الأندلس بعد أن كانت تشرق عليها شمسا ذات سمات عربية إسلامية مدة ثمانية قرون

معذرة على الإطالة ..وآملي أن أكون قد قدمت للإخوة ما يسعدهم .. وخاصة أولئك الذين سألوا عني واتصلوا بي مشافهة أو عن طريق طلباتهم الصريحة بالمنتدى

والله يحفظكم


 

 

   

رد مع اقتباس