عرض مشاركة واحدة
قديم 10-19-2013, 01:59 AM   رقم المشاركة : 164

 

مدرسة حما

كما اسلفت لكم سابقاً بإنني تعينت في مدرسة الحصينيه موقتاً وبقيت فيها لمدة اسبوعين فقط .

في غرة شهر ذو القعده من عام 1395 وبعد صلاة العصر وقف امام مسكننا بالحصينيه ونيت تويوتا شاص بحنايا ومع السائق شخصين اتضح فيما بعد واحد منهم مساعد مدير التعليم بنجران والاخر موجه تربوي ، رحبنا بهم وقال يالله توكلوا معنا الان الى حما لاننا سوف نفتتح المدرسة هناك وركبت انا واثنين والاخوة الفلسطينيين في الونيت المحمل بأثاث المدرسة .

لو تعلمون ماهو الاثاث هو : عبارة عن ماصة حديد ثلاثه ادراج ، ثلاثه كراسي جلد ، ثلاثه حنابل ، ثلاثه اتاريك غاز ، وانبوبة غاز وحوالي خمسة سجلات مدرسية فقط لا غير .

وصلنا حما بعد العشاء وعلى امارة طارفة حما ، رحب بنا امير الطارفة واستقبلنا احسن استقبال وتعشينا ونمنا .

اما انا فلم انام تلك الليلة لانني لا اعرف اين انا من سطح الكره الارضية .

ويدور في مخيلتي اسئلة كثيره كيف اعيش في هذه الصحراء وكيف تكون معاملة الاهالي هنا ، اصبح الصبح وصلينا الفجر وطلعت الشمس .

ويالهول ما رايت من بعد خروجنا من مبنى الامارة ، لم اشاهد الا مجموعة بسيطة جداً من المنازل المبنيه من الزنك ولا يتجاوز عددها العشرة منازل وهي خاصة بالاخوياء اللذين يعملون في الامارة .

حما هذه محاطة بالجبال من جميع الجهات وعلى شكل دائري بمساحة لا تتجاوز 2*2 كيلو متر ومدخل واحد ومخرج واحد .

وخلف هذه الجبال صحراء من جميع جهاتها .

دخلنا المدرسة ولا ياسبعة والمدرسة يالله لك الحمد ، المبنى عبارة عن ثلاث غرف من الزنك فقط لا غير ولا دورة مياه ولا مقومات المبنى الحديث باي شيء .

نزّلنا العفش اللي في الونيت وانتظرنا ساعتين في المدرسة ولم ياتي احد .

قال لي وكيل مدير التعليم واسمه ابراهيم العريشي نحن سوف نرجع نجران وانت بعد اكتمال تسجيل الطلاب تراجعني في الادارة وقلت له كيف اوصل اليك وانا ماعندي سيارة قال لي سوف ابلغ الامير يهيئ لك سيارة توصلك الى نجران .

كان اول يوم يوماً عصيباً وحزين عندي من الذي شاهدته في هذه الهجرة ولكنني تذكرت ابائنا واجدادنا عندما كانوا يعملون في مكة لتامين لقمة العيش وما يجدونه تعب وصبر وقلت لنفسي لابد ان اصبر واتحمل .

في اول يوم فرشنا في كل غرفة حنبل ولا جانا ولا طالب واحد .

رحت الامارة وقلت وين الطلاب ؟ ماجانا احد .. قال لي الامير سوف ياتونك غداً من كل مكان حول الامارة من جميع الجهات وقد ابلغنا البدو بالحضور غداً للتسجيل .

قلت له فين نسكن ؟ قال لي فيه واحد من الاخوياء سوف يعمل لكم جنب الامارة في خلال ثلاث ايام ، تعالوا ناموا في الامارة حتى يجهز سكنكم .

في اليوم الثاني هلّت السيارات من جميع الجهات وسجلنا في ذلك اليوم 52 طالب تتراوح اعمارهم من 6 الى 15 سنه ووزعنهم في فصلين والجلوس على الحنابل وكتب مافيه .

وفي اليوم الثالث نزلت الى نجران بسيارة الامارة وعلى طول على نائب مدير التعليم الاستاذ ابراهيم العريشي وابلغته بما تم عمله .

قال يالله مشينا عند مدير التعليم الاستاذ عبدالعزيز العياضي واخبرته بما تم عمله وان الطلاب ياتون من خارج الهجرة ومن جميع الجهات ، قال لي عيّن لنا 4 سيارات لنقل الطلاب على ان يُكملوا مسوغات المالية في الادارة .

وقال من غداً تبدا الدراسة وتروح مستودع الادارة وتاخذ الكتب المدرسية معك .

وفي اليوم الرابع بدات الدراسة وتم توزيع الجدول وبقي 4 حصص رياضة لان كل مدرس اكتمل نصابه .

امام المدرسة ارض فضاء واسعة والطلاب ماعندهم اي فكرة عن كرة القدم ولا قد سمعوا بها ويمكن ماقد شافوها بحكم انهم من البدو الرحّل لا يعرفون كرة القدم ، قسمت الطلاب قسمين وسوينا بابين مرمى من الاعواد ورميت الكره لهم وتعال شف كيف اللعب كل الفصل يطرد ورى الكورة وسعيد الحظ من يركلها ولا يردهم الا الجبل ولا يعترفون لا بحكم ولا بصافره ولا فاول ولا بلنتي ولا قانون اي قانون من قوانين كرة القدم مافيه الا طرد الكوره وين ما تروح ، في الحصص الثانيه سوينا حدود للملعب وبدا اللعب يتحسن نوعا ما ، واصبحوا يسجلون في المرمى وجه وقفى ( من امام المرمى ومن خلفه ) .
ولكن مع مرور الايام بدا الطلاب يفهمون ويعون قانون كرة القدم

نسيت اقولكم انه تم افتتاح مدرسة ليلية في هذه المدرسة وهي لم تُفتح الا لتشجيع المدرسين على العطاء وحافزاً لهم .

واجهتنا مشكلة تعبئة اتاريك الغاز لا نعرف كيف نعبي الانبوبة يعني ان انبوبة الاتريك لا تعمل الا لمدة 5 دقائق ثم تنطفي ويخلص الغاز ، اتضح لنا بعد اسبوعين اننا لم نعترف بصامولة التنسيم الموجوده في اعلى الانبوبة اثناء التعبئه .

من المشاكل التي واجهتنا اشتداد الحرارة في الفصول مابين الساعه التاسعه الى الساعه الثانيه عشر ، ومن المشاكل ايضا في هذه الهجرة لا يوجد فيها بقالة ولا كهرباء ولا من مقومات الحياة .

في الحقيقة ان اهالي حما يتميزون عن بقية هجر الصحراء المجاوره لنا يتميزون بالكرم والشجاعه والنخوه وتقدير المعلم لدرجة انهم كانوا يعتقدون اني عالم بكل شيء في الدين والسياسة والحياه الاجتماعية لدرجة انهم كانوا يطلبون مني التدخل في حل بعض المشاكل الاجتماعية والعائلية .

لا اخفيكم سراً انني مع مرور الايام ارتحت في هذه الهجره لعدة اسباب منها : كان عمري لا يتجاوز التاسعة عشر في ذلك الوقت كنا في الديرة اذا دخلنا مجلس مانجلس الا عند الباب ولا لك راي ولا مشورة ولا احد يلتفت فيك ، في حما اصبحت في صدر المجلس ويُشار اليّ بالبنان ويُؤخذ رايي في بعض الامور وان اهالي هذه الهجره يقدرونني ويحترمونني ويثقون بي جيداً .

اطلت عليكم واعذورني على الاطالة والى اللقاء في الذكريات القادمة عندما نفروا بالمدرسة وشكراً ...

واعذروني على الاخطاء الاملائية

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس