عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2008, 08:53 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 



الرسالة الثانية

الحج حِكَمٌ وأسرار



إن الحج من أوله إلى آخره وفي كل خطوة من خطواته

حافل بكثير من المناسك والمواقف التي تشعر الإنسان بعظمة الله وقدرته ،

وتتجلى فيها الحِكَم والأسرار لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد،

وفي كل واحدة من هذه المناسك تذكرة للمتذكر وعبرة للمعتبر ،

وهذه بعض أسرار الحج وحكمه :

*الحج والإحرام

في الإحرام تظهر المساواة بين جميع المسلمين حاكمهم ومحكومهم ،

غنيهم وفقيرهم ، ومظهر الحجاج في لباس الإحرام يمثل البعث في الحياة الآخرة ،

ويكشف عن أن الدنيا الزائلة لا يليق أن تصرف مفاتنها العاقل المؤمن عن الاستعداد للحياة الباقية .

وهو في حقيقته تجرد من شهوات النفس والهوى وحبسها عن كل ما سوى الله وعلى التفكير في جلاله .

*الحج والتلبية

في التلبية إجابة نداء الله - عز وجل - فارجُ أن تكون مقبولاً ،

واخش أن يقال لك :

" لا لبيك ولا سعديك " ،

فكن بين الرجاء والخوف متردداً ،

وعن حولك وقُوتِكَ متبرئاً ،

وعلى فضل الله - عز وجل - وكرمه متكلاً ،

وليتذكر الملبي عند رفع الصوت بالتلبية إجابته لنداء الله - عز وجل -

إذ قال :{ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ }

ونداء الخلق بنفخ الصور ، ونشرهم من القبور ،

وازدحامهم لعرصات القيامة مجيبين لنداء الله ،

وهذه التلبية شهادة على تجرد النفس من الشهوات والتزامها الطاعة والامتثال.

*الحج والطواف

ينبغي أن يُحضر في قلبه التعظيم والخوف والرجاء والمحبة ،

والحاج في الطواف متشبه بالملائكة المقربين الحافين حول العرش،

الطائفين له ، وليس المقصود هو طواف الجسم بالبيت فحسب ،

بل المقصود هو طواف القلب بذكر رب البيت ، حيث لا يبتدئ الذكر إلا منه ،

ولا يختم إلا به ، كما يبتدئ بالبيت ويختم به .

والطائفون في عملهم ،

كأنما يمثلون الدوران حول عقيدة التوحيد ، والتمسك بها ،

وإخلاص العبودية لله ، والاستجابة لندائه على لسان خليله إبراهيم عليه السلام .

كما يرمز إلى مشروعية الاقتداء بأبينا

إبراهيم ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -

وسائر أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين الذين لبوا دعوة الله في قوله :

{ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } .

*الحج والسعي

إنه يضاهي تردد العبد بفناء الملك جائياً وذاهباً مرة بعد أخرى

إظهاراً للخلوص في الخدمة ورجاء للملاحظة بعين الرحمة .

وليتذكر عند تردده بين الصفا والمروة تردده بين كفتي الميزان في عرصات يوم القيامة ،

وليتذكر تردده بين الكفتين ناظراً إلى الرجحان والنقصان ، متردداً ،

وفي السعي شدة إلحاح المؤمن في استمطار رحمة الله عليه.

وفيه شعور بالضراعة بين يدي الله القوي العزيز وفيه اقتداء بما فعلته هاجر ،

إذ كانت حركتها تلك مباركة وسنة قائمة إلى يوم القيامة يتعبد بها الناس ربهم ويأخذون منها

وجوب السعي وراء الرزق والحث على العمل والبعد عن الكسل .

*الحج والوقوف بعرفة

يذكر الحاج به يوم القيامة واجتماع الأمم والعرض الأكبر على الله – تعالى -

وهو موقف يذكر بالموت الذي ينتقل به المرء إلى ربه بكفن شبيه بلباس الإحرام ،

كما أن فيه تجرد الإنسان في ذلك الوقت من ملاذ الدنيا ،

وشهوات النفس ، وأن ذلك يدفع إلى الإقبال على الله - تعالى - ،

والاجتهاد في الأعمال الصالحة .

كما يرمز ذلك التجمع إلى التذكير بالبعث بعد الموت وما في يوم القيامة والحشر من أهوال ،

ليأخذ المسلم الاستعداد لها بأفعال الخير ،

وفيه تذكير للمسلمين الذين دفعوا إلى الحج،

بمشروعية الاتحاد والأخذ بالأسباب الداعية للوحدة والاجتماع .

وما هو إلا بذل المهج في الضراعة بقلوب مملوءة بالخشية ،

وأيدٍ مرفوعة بالرجاء ، والسنة مشغولة بالدعاء،

وآمال صادقة في أرحم الراحمين .

*الحج ورمي الجمار

إنه رمز للإقتداء بسيدنا إبراهيم - عليه الصلاة والسـلام -

وإعلان لمحاربة الشيطان ووسوسته وتضليله .

كما يرمز إلى وجوب طاعة الله ، وامتثال أوامره ليصبح المرء في عداد المحسنين ،

وهو عزم على الالتجاء إلى الله تعالى ، ونبذ الأهواء ،

وهو رمز مقت واحتقار لعوامل الشر وصدق العزيمة في طرد الهوى المفسد للأفراد .

*الحج وذبح الهدي

إنه إراقة لدماء الرذيلة بيد اشتد ساعدها في بناء الفضيلة ،

إنه ذبح للنفس الأمارة بالسوء ،

وإخراجها من جسد الإنسان وإحلال روح الخير والفضيلة بدلاً منها .

وهو إظهار لنعمة الله ،

بتوسعته على المسلمين بأن يوسعوا على أنفسهم وعلى الفقراء والمساكين في أيام الحج،

وفيه تذكير بفعل إبراهيم عليه الصلاة والسـلام حينما عزم على قتل ابنه إسماعيل استجابة لأمر الله

ففداه الله بذبح عظيم وأصبح الفداء بعدها سنة متبعة تفعل كل عام اقتداء بسيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم -

الذي ساق الهدي من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة

ليفدي المسلم ويضحي بكل شيء في سبيل امتثال أمر الله والسعي إلى مرضاته .

 

 

   

رد مع اقتباس