عرض مشاركة واحدة
قديم 10-22-2011, 09:15 PM   رقم المشاركة : 50

 

الخطبة الثانية
الحمد لله، الحمد لله جامعِ الناسِ ليومٍ لا ريبَ فيه، يعلمُ ما يُسرُّ العبدُ وما يُخفِيه، أحمده - سبحانه - وأشكره وأستغفِرُه وأستَهديه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ عبدٍ مُوقِنٍ بقلبِه مُعلِنٍ بفِيه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه قام بعبادة ربِّه حتى تفطَّرت قدماهُ وصامَ وواصلَ فكان يبيتُ عند ربِّه يُطعِمُه ويسقِيه، صلّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً وسلامًا دائمًا طيبًا مُباركًا فيه، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يومٍ لكل امرئٍ فيه شأنٌ يُعنيه.


أما بعد:
معاشر الأحبة، حُجَّاج بيت الله:
ومن حُسن التعامُل وآدابه: اليقين الجازم بأنه لا أحد يخلو من العيوب.
يقول سعيد بن المُسيّب - رحمه الله -: "ليس من شريفٍ ولا عالمٍ ولا ذي فضلٍ إلا وفيه عيوبٌ".
لكن من الناس من لا ينبغي أن تُذكَر عيوبُه؛ فمن كان فضلُه أكثرَ من نقصِه ذهبَ نقصُه لفضله، وكم من الناس تنقُدُهم، فإذا رأيتَ غيرَهم حمِدتَّهم.
وقد قال نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في العلاقات الزوجية: «لا يفرَكُ مؤمنٌ مُؤمِنةً، إن كرِهَ منها خُلُقًا رضِيَ منها آخَر»؛ رواه مسلم.
والناسُ - رحمك الله - يكرهون من لا ينسَى زلاَّتهم، ويُذكِّرهم بأخطائهم، ومُواجهةُ الناس بأخطائهم هي أقصرُ طريقٍ للعداوة، ومن سترَ مسلمًا ستَرَه الله، والمُتَّقون هم الكاظِمون الغيظَ والعافون عن الناس.
وقدِّر غيرَك تفُز بتقديره، وابتسِم للناس يبتسِموا لك، وتبسُّمُك في وجهِ أخيك صدقةٌ، إن استثارةَ العواطف النبيلة من نفوس الناس طريقٌ كريمٌ حكيم لكسبِهم والتأثير فيهم.
وفي التعامُل - حفظك الله - اجتنِب الحديثَ عن نفسك ونسبَ الفضائل لها، وإلقاء التبِعَة على الآخرين، فما تتفاخَرُ به قد يراه الناسُ نقصًا وشذَرًا، وأحسِن الإنصات، والمُقاطَعة في الحديث تجرحُ المشاعِرَ، ومن لم يشكُر الناسَ لم يشكُر الله، ولا تظُنَّنَّ بكلمةٍ خرجَت من أحدٍ سُوءًا وأنت تجِدُ لها في الخير محمَلاً.



وبعد:
فإن الناسَ - وأنت منهم - عواطفُ أولاً، ثم عقولٌ ثانيًا.
فاتقوا الله - رحمكم الله -؛ فمن حسُنَ خُلُقُه بلغَ درجةَ الصائم القائم، والمؤمنُ يألَفُ ولا يُؤلَف، ولا خيرَ فيمن لا يألَفُ ولا يُؤلَف، وخيرُ الناس أنفعُهم للناس.
هذا؛ صلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة: نبيكم محمدٍ رسول الله، فقد أمركم بذلك ربُّكم، فقال في محكم تنزيله - وهو الصادقُ في قِيلِه -: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبينا محمد الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واخذل الطغاة والظلَمة والملاحدة وسائر أعداء الملَّة والدين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق إمامنا ووليَّ أمرنا بتوفيقك، وأعِزَّه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين، وألبِسه لباسَ الصحة والعافية، وأمِدَّ في عُمره على طاعتك، اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانه وأعوانه لما تحب وترضى، وخُذ بنواصيهم للبر والتقوى.
اللهم وفِّق ولاةَ أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنَّة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -، واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتَهم على الحق والهدى يا رب العالمين.
اللهم وأبرِم لأمةِ الإسلام أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المنكر، إنك على كل شيءٍ قدير.
اللهم إن إخواننا في الصومال جِياعٌ فأطعِمهم، وعُراةٌ فاكسُهم، وحُفاةٌ فاحمِلهم، اللهم اشفِ مريضَهم، وارحَم ميِّتَهم، اللهم واجمع كلمتَهم، وأصلِح أحوالَهم، اللهم وارفَع البأسَ عن البائسين، واكشِف الضرَّ عن المُتضرِّرين يا أرحم الراحمين.
اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خير، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ، وأحسِن عاقبَتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذابِ الآخرة.
اللهم من أرادنا وأرادَ ديننا وديارَنا وولاة أمرنا وعلماءَنا وأمنَنا وأمتَنا واجتماعَ كلمتنا سوءٍ اللهم فأشغِله بنفسه، واجعل كيدَه في نحره، واجعل تدبيرَه تدميرًا عليه يا رب العالمين.
اللهم عليك باليهود الغاصبين المحتلين، اللهم عليك باليهود الغاصبين المحتلين فإنهم لا يُعجزونك، اللهم وأنزِل بهم بأسك الذي لا يُردُّ عن القوم المجرمين، اللهم إنا ندرأُ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم إنا نستغفرُك إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسِل السماءَ علينا مِدرارًا، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغًا إلى حينٍ.
اللهم يسِّر للحُجَّاج حجَّهم، اللهم يسِّر للحُجَّاج حجَّهم، واجعل حجَّهم مبرورًا، وسعيَهم مشكورًا، وذنبَهم مغفورًا، اللهم وأحسِن مُنقلبَهم، وأعِدهم إلى ديارهم سالمين غانمين مقبولين، بمنِّك وجودِك يا أكرم الأكرمين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار[البقرة:201].
سبحان ربك رب العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

   

رد مع اقتباس