عرض مشاركة واحدة
قديم 06-02-2012, 12:17 AM   رقم المشاركة : 1
Thumbs up الآن جاءت المسألة ..


 

((الآن جاءت المسألة))


لا أمسك نفسي عن تقدير تراثنا الإسلامي والعربي: تاريخاً وأدباً وفكراً، وكلما رجعت إليه زدت إعزازاً له وفخراً به، فنضح عصور ازدهارنا الإسلامي والعربي غني بأفكار نباهي بها

العالم ونطاول..

وأجد أحياناً لدى العالم الغربي بعض الآراء السائرة، والأفكار النّيّرة في عصور حضارتهم، فأعجب بها، وأشارك في الإشادة بالاذهان التي توصلت لها، وأقدّر العقول التي ولّدتها، ثم

تقودني الصّدف، وأجد دون بحث واستقصاء أن لها رحلة، قصيرة أو طويلة من بلادنا إلى بلاده، أخذوها منا عبر عصور خلت عن طريق ترجمات متتالية، وبعضها توافقت فيها أفكارنا

مع أفكارهم، وصلة الرحم بين عقل مفكر ومفكر قوية، لا يقف دونها عائق، ولا تنتصب حدود..

جاء هذا في ذهني وأنا أفكر في الجملة التي قالها وليم شكسبير: ((هذا هو السؤال)) : جملة شرّقت وغربت، واخترقت حواجز الزمن، وأستار اللغات، ووصلت إلينا حية، يتحلى

بقولها المتحدثون، وتسعف المتجادلين، خفيفة على اللسان، مقبولة على قصرها في وضوح بيانها، يقولها من وقع في حيرة ومن أراد التخلص دون التزام.

يقولها كما قالها شكسبير في القرن السادس عشر الميلادي. ولكن إمام اللغة والأدب أبا بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي البصري، المولود عام 223 من الهجرة رواها قبل

شكسبير بعبارة أجمل وأفصح من الترجمة المتواترة لعبارة شكسبير.

قال بن دريد رحمه الله، وأجزل له الثواب:

أتى الوليد بن عبدالملك برجل من الخوارج، فقال له: ما تقول في أبا بكر؟ قال: خيراً، قال: فعمر، قال: خيراً، قال: فعثمان، قال: خيراً، قال: فما تقول في أمير المؤمنين عبدالملك؟


قال: ((الآن جاءت المسألة))، ما أقول في رجل الحجاج خطيئة من خطاياه..

هذا مثل من أمثلة سبقِنا في مجال الفكر، وقد لا يدري عنه إلا القليلون بيننا، وأحياناً لا ندري عنه إلا بالصدفة، دون بحث أو استقصاء، ولكننا عندما نعلم به نقف عنده وقفة إعزاز

وإكبار، ونخجل أحياناً عندما نكتشف أننا لم نكن نعلم أننا السابقون فيه.

هذا والله المستعان.

د. عبدالعزيز الخويطر

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس