عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2011, 08:57 PM   رقم المشاركة : 11

 

.

*****

اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالين الغربيين
(مبارك بن لندن) يلتقي رجلاً كريماً على هيئة متسول في الصحراء


كتب سعود المطيري يوم الأحد 12/رجب/1430هـ
في جريدة الرياض

في كتابه رمال العرب، يصف لنا الرحالة الانجليزي ولفريد ثيسيغر (مبارك بن لندن) كما اسماه البدو، كيف قابل عجوزاَ رثاً في الصحراء ظنه بداية الأمر متسولا، ثم تبين انه رجل مشهور وشيخ معروف عند القبائل الأخرى، وأظهر مرافقوه ترحيبا وحفاوة غير طبيعية بهذا العجوز الذي عرفوه، تقديراً لمكانته الاجتماعية عند قومه والقبائل الأخرى، حتى وان وصلت به الحال ما وصلت إليه. ثم ينتقل إلى مشهد طريف وحكايات اللصوص الذين غاروا على قطيع من الماعز ذبحوها ثم تمددوا على الأرض يحلبونها في أفواههم إلى أن قال:

بعد يومين جاء رجل عجوز إلى مخيمنا وكان يعرج وظهرت عليه إمارات الفقر حتى بالنسبة للبدو، وكان يلبس رداء مهلهلا مغبراً من آثار الزمن، ويحمل بندقية قديمة تشبه بندقية بن قبينة. وكان يوجد علبتان مملوءتان بالخرطوش في حزامه وست علب فارغة وخنجر غمده مكسور ولما رآه آل رشيد تقدموا منه وحيوه قائلين: أهلاً وسهلاً.

أهلاً (بخيت) الحياة المديدة لك يا عم، أهلاً، أهلاً مائة مرة، فدهشت من حرارة استقبالهم، جلس الرجل على الحصير الذي فرشوه له وأكل البلح الذي وضعوه أمامه، بينما ركضوا هم لينفخوا النار ويغلوا له القهوة كانت عيناه محمرتين، وأنفه طويلاً مع خصلة من الشعر السائب مسدلة على صدغه، وكان جلده يتدلى طيات فوق فجوة معدته. قلت لنفسي: انه يبدو كمتسول عجوز تماما ولكن بن فبينة قال لي: انه من بيت (عماني) وهو مشهور فسألته بماذا يشتهر. فأجاب: بكرمه، فقلت: لا أعتقد أنه يملك شيئا ليتكرم به، فقال بن فبينة إنه لا يملك شيئا الآن، ليس لديه جمل واحد، ليس له حتى زوجة، وكان له ولد حسن الشكل ولكنه قتل منذ سنتين، وكان في يوم من الأيام من أغنى رجال القبيلة، والآن لا يملك إلا بضع عنزات.

ولفرد ثيسيغر في إحدى رحلاتة (بن لندن)


سالت: ماذا حدث لجماله، هل أخذها اللصوص؟ أو هل ماتت من المرض؟ فأجابني: بن قبينة: لا، إن كرمه هو سبب خرابه، لم يأت أحد إلى خيامه إلا وذبح له جملاً ليطعمه... أي بالله، انه رجل كريم، وسمعت رنة الحسد في صوته.

بعد ذلك اتجهنا ببطء شطر الغرب، واستقينا من آبار (السناو) و(مغير) وثمود العميقة، وكان لابد أن يكون هناك أعراب؛ لأن المطر تساقط فنما العشب الأخضر عند مفترق المياه الواسعة الضحلة. ألتي تتجه شطر الصحراء عبر سهول الحصى. إلا أن الصحراء كانت خالية مخيفة، وكنا نرى من بعيد الرعيان يسوقون قطعانهم بين الفترة والأخرى عبر السهل. في حين كان بعض آل رشيد ينزلون عن جمالهم ويذرون الرمال في الهواء، وهذه علامة ظاهرة متفق عليها لتعبر عن النية الحسنة، ثم يتجهون إلى الرعيان ليتسقطوا منهم الأنباء، وكانت هذه الأخبار دائماً حول اللصوص الذين عبروا الصحراء منذ بضعة أيام نحو الغرب. كانوا يتألفون من عدة فرق، تعود إلى مسقط رأسها في اليمن. بما أحرزته من الغنائم والأسلاب، وكانت تصلنا أنباؤهم أنهم يبلغون ثلاثمائة رجل، أو مائة رجل، وكل ما عرفناه هو أنهم كثيرون ومسلحون جيداً، واخبرنا بعض نساء من المناهل أن أربعين رجلاً منهم ذبحوا ثمانية من عنزاتهم، قبل ثلاثة أيام ليأكلوها. وقد وصفن لنا كيف أن اللصوص تمددوا على الأرض، وحلبوا الماعز في أفواههم.

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس