عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2009, 05:44 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو نشط
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ام عبدالله is on a distinguished road


 

وفي تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 18


ظهور النَّار بالمدينة
قال أبو شامة: جاء إلى دمشق كتب من المدينة بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخرة، وكتبت الكتب في خامس رجب، والنار بحالها بعد. ووصلت إلينا الكتب في شعبان. فأخبرني من أثق به ممن شاهدها بالمدينة أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب. قال: وكنا في بيوتنا بالمدينة تلك الليالي، وكأن في دار كل واحد سراجا. ولم يكن لها حر ولا لفح على عظمها، إنما كانت آية. قال أبو شامة: وهذه صورة ما وقفت عليه من الكتب: لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادى الآخرة ظهر بالمدينة دوي عظيم ثم زلزلة عظيمة فكانت ساعة بعد ساعة إلى خامس الشهر، فظهرت نار عظيمة في الحرة قريبا من قريظة تنور لها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا. وسالت أودية منها إلى وادي شطا مسيل الماء، وقد سدت مسيل شطا وما عاد يسيل. والله لقد طلعنا جماعة نبصرها فإذا الجبال تسيل نيرانه، وقد سدت الحرة طريق الحاج العراقي، فسارت إلى أن وصلت إلى الحرة، فوقفت ورجعت تسير في الشرق يخرج من وسطها مهود وجبال نار تأكل الحجارة، فيها أنموذج لما أخبر الله تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ كأنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ}. وقد أكلت الأرض. ولها الآن شهر وهي في زيادة، وقد عادت إلى الحرار في قريظة طريق الحاج إلى بحيرة العراقي كلها نيران تشتعل نبصرها في الليل من المدينة كأنها مشاعل، وأما أم النيران الكبيرة فهي جبال نيران حمر، وما أقدر أصف هذه النار. ومن كتاب آخر: ظهر في شرقي المدينة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض، وسال منها واد من نار حتى حاذت جبل أحد، ثم وقفت. ولا ندري ماذا نفعل. ووقت ظهورها دخل أهل المدينة إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم مستغفرين تائبين إلى ربهم. ومن كتاب آخر: في أول جمادى الآخرة ظهر بالمدينة صوت كالرعد البعيد، فبقي يومين، وفي ثالث الشهر تعقبه زلزال فتقيم ثلاثة أيام، وقع في اليوم والليلة أربع عشرة زلزلة. فلما كان يوم خامسه انبجست الأرض من الحرة بنار عظيمة يكون قدرها مثل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي برأي العين من المدينة تشاهد، وهي ترمي بشرر كالقصر. وهي بموضع يقال له أخلين أو أخلبين. وقد سال من هذه النار واد يكون مقداره أربعة فراسخ، وعرضه أربعة أميال، وعمقه قامة ونصف، وهو يجري على وجه الأرض وتخرج منه مهاد وجبال صغار، ويسير على وجه الأرض، وهو صخر يذوب حتى يبقى مثل الأتل، فإذا اخمد صار أسود، وقبل الخمود لونه أحمر. وقد حصل إقلاع عن المعاصي وتقرب بالطاعات. وخرج أمير المدينة عن مظالم كثيرة. ومن كتاب قاضي المدينة سنان الحسيني يقول في التاريخ: ' لقد والله زلزلت مرة ونحن حول الحجرة النبوية، فاضطرب لها المنبر والقناديل. ثم طلع في رأس أخيلين نار عظيمة مثل المدينة المعظمة، وما بانت لنا إلا ليلة السبت وأشفقنا منها. وطلعت إلى الأمير وكلمته وقلت: قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله. فأعتق كل مماليكه ورد على جماعة أموالهم. فلما فعل ذلك قلت: اهبط معنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فهبط وبتنا ليلة السبت، الناس جميعهم والنسوان وأولادهن، وما بقي أحد لا في النخل ولا في المدينة إلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأشفقنا منها، وظهر ضوءها إلى أن أبصرت من مكة، ومن الفلاة جميعها. ثم سال منها نهر من نار، وأخذ في وادي أخيلين وسد الطريق، ثم طلع إلى بحرة الحاج، وهو بحر نار يجري وفوقه حرة تسير إلى أن قطعت وادي الشظاه، وما عاد يجيء في الوادي سيل قط لأنها حرة، تجيء قامتين وثلاث علوها. والله يا أخي إن عيشتنا اليوم مكدرة، والمدينة قد تاب أهلها ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف ولا شرب. وتمت النار تسير إلى أن سدت بعض طريق الحاج، وكان في الوادي إلينا منها قتير، وخفنا أن تجيئنا، واجتمع الناس وباتوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد طفئ قتيرها الذي يلينا بقدرة الله عز وجل، وإلى الساعة ما نقصت بل ترمي مثل الجبال حجارة من نار، ولها دوي، ما تدعنا نرقد ولا نأكل ولا نشرب، وما أقدر أصف لك عظمها ولا ما فيها من الأهوال. وأبصرها أهل ينبع، وندبوا قاضيهم ابن سعد، وجاء وغدا إليها، وما أصبح يقدر يصفها من عظمها. وكتب يوم خامس رجب، والشمس والقمر من يوم ظهرت ما يطلعان إلا كاسفين. ومن كتاب آخر من بعض بني الفاشاني يقول: جرى عندنا أمر عظيم... إلى أن قال: من النار ظهر للناس ألسن تصعد في الهواء حمراء كأنها العلقة، وعظمت فقزع الناس إلى المسجد، وابتهلوا إلى الله عز وجل، وغطت حمرة النار السماء كلها حتى بقي الناس في مثل ضوء القمر، وأيقنا بالعذاب. وصعد القاضي والفقيه إلى الأمير يعظونه فطرح المكس، وأعتق رقيقة كلهم، ورد علينا كل ما لنا تحت يده، وعلى غيرنا. وبقيت كذلك أياما، ثم سالت في وادي أخيلين تنحدر مع الوادي إلى الشظاه، حتى لحق سيلانها ببحرة الحاج، والحجارة معها تتحرك وتسير حتى كادت تقارب حرة العراض. ثم سكنت ووقفت أياما، ثم عادت ترمي بحجارة من خلفها وأمامها حتى بنت جبلين خلفها وأمامها، وما بقي يخرج منها من بين الجبلين، لسان لها أياما. ثم إنها عظمت الآن وسناها إلى الآن، وهي تتقد كأعظم ما يكون. ولها كل يوم صوت عظيم من آخر الليل إلى ضحوه، والشمس والقمر كأنهما منكسفان إلى الآن. وكتب هذا ولها شهر.

 

 

   

رد مع اقتباس