عرض مشاركة واحدة
قديم 06-03-2009, 08:21 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road

بخيت بخيت الحظ (الاخيرة )


 

الحلقة السابعة و الأخيرة



بعد العودة إلى مكة طلب شقيق سميرة الذي يعمل في وزارة الخارجية من بخيت ملفه والحقه بإحدى قنصليات المملكة في الخارج للعمل فيها ومحاولة الحصول على شهادتي الماجستير والدكتوراه .

حزم بخيت حقائبه وغادر البلاد وحيدا تاركا زوجته وأبناءه في مكة بغية التعرف على البلد الجديد الذي سيقطنه واستئجار مقر لإقامتهم ومن ثم تأثيثه والبحث عن الجامعة التي سيواصل دراسته فيها فضلا عن تقديم أوراقه اليها وذلك قبل العودة إلى المملكة لاصطحاب عائلته .


بعد وصول بخيت إلى مطار تلك الدولة استقبله أحد مسؤولي سفارة بلاده فيها وعرض عليه السكن معه طالما انه بدون عائلة إلا أن بخيتا اعتذر بلباقة عن ذلك كونه يفكر بطريقة أخرى لم تخطر ببال ذلك المسؤول .

بحث بخيت عن عائلة يقطن معها لستة أشهر لتعلم اللغة مشترطا ان تضم أطفالا فهم الافضل له لكي يتعلم منهم بأريحية دونما خجل من الاخطاء التي سيقع حتما فيها أثناء الحديث ( إنت بطنك يوجعني ) ( انا فيه روح إنت مدرسة ) ... الخ وبعد أن توفق في ذلك نقل عفشه ومستلزماته واستقر مع تلك العائلة.

لم يغب عن ذهن بخيت مطلقا وهو في الخارج قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كلّه ) ولذا سأل عن المسجد حتى استدل عليه ولما وجده بعيدا عن مقر سكنه اشترى سيارة وبدأ في تأدية معظم صلواته فيه .

فرح جماعة المسجد ببخيت كثيرا كونه من أرض الحرمين الشريفين ومع مرور الأيام قدموه للصلاة بهم فأعجبوا بتلاوته وجمال صوته وتجويده فرشَّحوه إماما لهم .

لاحظ بخيت تعدد مشارب القوم في المسجد وانتماء البعض منهم لجماعات مختلفة في الآراء والمناهج وطرق العبادة إلى جانب محاولة كل جماعة من تلك الجماعات جره واستقطابه إليها فنأى بنفسه عن كل ذلك ولم يستجب لأيّ من تلك الاغراءات ومن هنا بدأت تحاك ضده الدسائس والمؤامرات .

فكر بخيت في أن استئجار بيت له ولمدة قد تزيد على سبع سنوات بإيجار شهري لايقل عن الالف دولار فيه إهدار لأمواله واضاعة لها خصوصا وأن عقليته باتت اقتصادية صرفة فبحث له عن محام وعن طريقه اشترى بيتا بخمسة وتسعين ألف دولار جلب إليه عائلته من المملكة .


لم يستمر بخيت في إمامة المسجد طويلا بعد تآمر البعض عليه لكنه لم ينقطع عنه رغم نظرات الشك والتهم التي كانت توجه إليه .

تفاجأ بخيت بعدم القدرة على التوفيق بين عمله وبين دراسته فآثر الدراسة على العمل وضم أوراقه إلى أوراق المبتعثين من قبل الدولة في ذلك القطر بعد أن طلب من مرجعه إجازة مفتوحة بدون مرتب .


{ في دهاليز الجامعة }

نظرا لأن بخيتاً كما أسلفنا درس المرحلة الجامعية منتسبا فإنه لم يكن ذا خلفية كاملة عما يدور من مفارقات خلف أسوار الجامعات ولم يكن يعتقد أن ما وجده في المسجد ما هو إلا نَزْرٌ يسير من نتاج ما يتم طبخه داخل قاعات المحاضرات وفصول الدراسة الجامعية وخاصة في البلدان التي تعطى حرية التعبيرعن الرأي فيها لكل أحد ، فبمجرد أن وضع قدميه في فناء الجامعة استقبل من بعض أبناء جلدته بالمنشورات المناوئة لبلده وحكومته وبالكتيبات والمطويات التي تحرض الشباب والمراهقين على التمرد على أنظمة الحكم في بلدانهم فبينما يدعو هذا إلى الانضمام لجماعة الدعوة ينادي ذاك بالدخول في حزب الأمة في الوقت الذي ينشر فيه ثالث أفكار ومعتقدات الاشتراكية ورابع يلمع صورة المنظمات الثورية السرِّية وهكذا .....! إلا أن بخيتاً وهو الذي عركته الحياة جاء وفي ذهنه هدف واحد محدد لم تفلح جهود من حوله عن حرفه ( وليس ثنيه ) عنه قيد أنملة ولذا وضع في إحدى أذنيه طينا وفي الأخرى عجينا واستمر في تحصيل علومه وسط أراء متباينة ممن حوله . . . فتارة يرميه أحدهم بالجهل . . . وأخرى يتهمه ثان بالجاسوسية . . . ويستجهن ثالث ولاءه لحكومته وبلاده بينما لايكاد هو يجد من يتفهم وجهة نظره إلا مَنْ مَنَّ الله عليه بالعقل في بلد يفترض ألا يتعامل أهلها إلا بالعقل .

مرّت السنوات وتحصل بخيت على شهادتي الماجستير والدكتوراه وقبل أن يعود أدراجه إلى بلده متوشحا بشهادتيه وخبرته باع بيته وسيارته وقدم ثمنهما لشركة ملبوسات مشهورة أعطته وكالة لتوزيع منتوجاتها في المملكة ثم تبوأ مركزا مرموقا لعدة سنوات في وزارة الخارجية وذلك قبل أن يتقدم بطلب إحالته على التقاعد المبكّر كي يتفرغ لإدارة مركزه الطبي الذي اختار له اسم مركز(حليمة الطبي ) تيمناً باسم والدته و يعمل به ابنه مهند ( كطبيب للنساء والولادة ) وابنته شريفة ( كطبيبة اسنان ) وكذا لمتابعة تجارته وحياته الخاصة

 

 

   

رد مع اقتباس