عدد النقاط : 10
الأخ الكريم : محمد عجير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موضوعك أعادني بأثر رجعي إلى ما قبل أكثر من خمسين سنة ،إلى عصر ضيق ذات اليد والفاقة ، عصر البساطة والطيبة والألفة ، وأعجبني إلمامك بالذكريات المشتركة في كثير من المظاهر عند معظمنا في تلك الحقبة الزمنية التي عشناها مع أحبائنا (أجدادنا وجداتنا ، وأبائنا وأمهاتنا ، كبارنا عموماً وأصدقائنا ...إلخ ) ،كما إنني أعجبت بكل المداخلات والتعليقات من أحبائي المشاركين . موقف لا زال عالقٌ في ذاكرتي عن رمضان زمان ، موقف إذا ذكرته دعوت لجدتي ووالديَّ بالرحمة والغفران ، وبجنة الفردوس أعلى الجِنان. يتحلّق أفراد الأسرة حول ( الصلل ) و(خمرة ) القهوة طرف جذوة النار المستلقية تحت الكانون الذي تربّع فوقه قِدْرٌ صغير يغلي ( بالدغابيس في معرّق الحميس )، وبضع تمرات (هليل ) في صحن صغير متهالك نرمقه نحن الصغار بفارغ الصبر – وكنت ابن الست السنوات والوحيد بين البنات – ولك أن تتخيّل ما أحظى به من الدلال الزائد من قبل الوالدين -أسأل الريٍّس عن ذلك الدلال - ، ولكنني كنت مفترياً إذ أستحوِذ على معظم حبات التمر المعدودة بسرعة ونَهَم ، ولكي يتمكن الكبار من الإفطار ببعض تلك التمرات ؛ يقولون يا سعيد اخرج طرف (السّدة ) وإذا سمعت أذان أبو نازي - يرحمه الله – فأذّن أنت لأن أذانك يعجب الجماعة . في أول يوم خرجت متباهياً واسترسلتُ في الأذان بتأنٍ وتؤدة، وعدت لأجد تمرتين متبقيتين فقط ، مما أثار حفيظتي فحنقت عليهم وكِلْتُ من السباب والشتائم ما الله به عليم - أستغفر الله العظيم - ، وفي اليوم الثاني أخرجوني بمعسول الكلام لأذّن ، فخرجت وأذنت وانتهيتُ منه قبل أن يكمل أبو نازي التكبيرات الأربع الأولى وعدت لألتهم معظم التمرات، مما جعل الوالد - رحمة الله عليه – بعد ذلك اليوم يقوم بتوزيع التمرات قبل الإفطار وكان لي نصيب الأسد . رحم الله جدتي وأبي وأمي ، ووالديك ، وجميع أموات المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، وأسكنهم فسيح الجنات. إنه سميع قدير ، وبالإجابة جدير. لك مني أطيب السلام مع تمنياتي بتألق فكرك وقلكمك.