عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2010, 04:20 PM   رقم المشاركة : 1
أنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟


 




عن أم المؤمنين زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها قالت :

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَزِعًا ، مُحْمَراً وَجْهُهُ ،

يَقُولُ : ( لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ..

وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ ..

فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ
)

وَحَلَّقَ بِإِصْبُعَيْهِ الإبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا،

قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟

قَالَ : ( نَعَمْ .. إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ ) .

متفق عليه .


البيان

تعجبت أم المؤمنين زينب رضي الله عنها وسألت النبي صلى الله عليه وسلم :

( أنهلك وفينا الصالحون ) فأجابها عليه الصلاة والسلام :

( نعم إذا كثر الخبث ) ..

ونحن اليوم نتساءل أنهلك وفينا من يصوم الإثنين والخميس ،

وفينا من يحفظ القرآن ويردده طوال اليوم ؟

أنهلك وفينا من يتصدق وينفق ؟

والإجابة من سيد البشر ( نعم إذا كثر الخبث ) والخبث لا يكثر إلا بترك التناصح ،

والدعوة إلى الله ، وهجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..

قال عز وجل : ( وما كان ربك ليهلك القرى وأهلها مصلحون ) ،

ولأهمية الأمر بالمعروف وعظم أمره ،

قدمه الله عز وجل على الإيمان في قوله تعالى :

( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله

وقدمه الله عز وجل في سورة التوبة ، على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ،

فقال تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف

وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله

أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم
) .

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعمال ومهام الرسل ، ومن صفات المؤمنين ،

ومن خصال الصالحين ، والقيام به يحقق خيرية هذه الأمة ،

وهومن أعظم أسباب تكفير الذنوب .

ويترتب على ترك هذا الركن العظيم الذي عده بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام ،

عدم إجابة الدعاء ، وانتفاء خيرية الأمة ، وتسلط الفساق والفجار ،

وشيوع المنكر ، واندثار السنن ، وظهور الجهل ،

وتخبط الأمة في ظلمة حالكة لا فجر لها.


قال تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب )

قال ابن تيمية رحمه الله : ( أي لا تختص بالمعتدين بل تتناول من رأى المنكر فلم يغيره ) .

وكم تكون العواقب وخيمة وسيئة ، على الفرد والمجتمع ،

حين يتجافى بعض طلاب العلم والشباب الصالح ،

عن المشاركة في المجتمع في شتى ميادينه ، والتخلي عن مسيرة الإصلاح ،

أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر ، والتي أُمروا بها .

وقد توعد الله تبارك وتعالى من تنكبها وتهاون عن أدائها بالعقاب ،

فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ،

عن النبي صلى الله عليه وسلم :

( والذي نفسي بيده لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر ،

أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ، فتدعونه فلا يستجيب لكم
)

رواه الترمذي وقال : حديث حسن .

وقال تعالى :

( فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض

إلا قليلاً ممَّن أنجينا منهم واتَّبع الَّذين ظلموا ما أُترفوا فيه وكانوا مجرمين
*

وما كان ربُّك ليُهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون )

ولم يقل: صالحون ،

ومن هنا يتبين الفرق بين الصالح والمصلح ،

فالصالح بلا إصلاح هالك مع الهالكين ،

بخلاف المصلح ، الذي بإصلاحه تدفع الهلكة .

قال ابن القيم رحمه الله :

( وأيُّ دين ، وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك ، وحدوده تُضيع ، ودينه يُترك ،

وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها ، وهو بارد القلب ، ساكت اللسان ، شيطان أخرس ،

كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق ،

وهل بَلِيَّةُ الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم فلا مبالاة بما جرى على الدين ،

وخيارهم المتحزن المتلمظ ، ولو نُوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه ، في جاهه أو ماله ،

بذل وتبذل وجد واجتهد ، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه ،

وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم ، قد بُلوا في الدنيا بأعظم بليةٍ تكون ،

وهم لا يشعرون ، وهو موت القلوب ، فإن القلب كلما كانت حياته أتم ،

كان غضبه لله ورسوله أقوى ، وانتصاره للدين أكمل
)

إعلام الموقعين 2/176 .

قال القرافي رحمه الله :

( قال العلماء : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الفور إجماعاً ،

فمن أمكنه أن يأمر بمعروف وجب عليه
)

الفروق للقوافي 4/ 257.

ما أعظم أجر الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر ،

والذي جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم:

( إن من أمتي قوماً يعطون مثل أجور أولهم ، ينكرون المنكر )

أخرجه أحمد.










...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس