عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-2010, 11:16 AM   رقم المشاركة : 1
إبن عبد ربه ـ العصر الأندلسي


 

.

*****

أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم ، ويكنى بأبي عمر وقيل أبي عمرو ، شهاب الدين الأموي بالولاء ، فقد كان جده الأعلى سالماً مولى لهشام بن عبد الرحمن الداخل ولد بقرطبة في العاشر من شهر رمضان عام 246هـ (29 تشرين الثاني 860 م) ونشأ بها

تخرج على علماء الأندلس وأدبائها وأمتاز بسعة الاطلاع في العلم والرواية وطول الباع في الشعر منه ما سماه الممحصات ، وهي قصائد ومقاطع في المواعظ والزهد ، نقض بها كل ما قاله في صباه من الغزل والنسب . وكانت له في عصره شهرة ذائعة ، وهو أحد الذين أثروا بأدبهم بعد الفقر

أشهر كتبه (العقد الفريد) وهو كتاب جامع للأخبار والأنساب والأمثال والشعر والعروض والموسيقى ، وقد استوعب خلاصة ما دوّن الأصمعي وأبو عبيدة والجاحظ وابن قتيبة وغيرهم من أعلام الأدب

ومع أن ابن عبد ربه كان أندلسيا إلا أنه لم يشر إلى الأندلس ولا إلى أهلها بكلمة عدا نفسه فقد عرف بنفسه ونشر شعره , له كثير من الموشحات , له شعر رقيق سلس الأسلوب فيه المديح والوصف والغزل والنسيب وفي جميع أغراض الشعر الأخرى

قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية (10/22) "صاحب العقد كان فيه تشيع شنيع ، ومغالاة في أهل البيت ، وربما لا يفهم أحد من كلامه ما فيه من التشيع"

نشأته في قرطبة


نشأ ابن عبد ربه في تلك المدينة الزاهية نهاراً والمضيئة ليلاً ، والتي تعدُّ عاصمة الأندلس ، وعروس مغرب الإمبراطورية العربية . نشأ في أحضانها ، وترعرع في أزقتها النظيفة ، ورضع من لبان ثقافتها وبهجتها ، وشاهد بأمِّ عينيه أنسها وسرورها . فطبع ذلك كله في نفس ابن عبد ربه ، وفي عقده ، وفي شعره



فنراه تطيبُ نفسه إلى مغانيها ، وتُرهف سمعه أحلى أغانيها ، وتسعده جلساتُها ، وتقرِّبه من خيرة أمرائها وأدبائها ، فيتذوق اللهو ، ويلوذ بالغناء وما يجلبه مجلسه ، ويطرب إلى الجواري الحسان ، ليعزف على قيثارة الحب والغزل ومجالس الأنس أصفى الأشعار وأرقَّ الألحان . ولم يكن ابنُ عبد ربه ذلك الفتى المدلَّل المتهور ، بحيث يُضيع أيامه بالسكر والسماع . بل أخذ كذلك من قرطبة العلوم المعاصرة ، وثقَّف نفسه بما هو معروف في بلدته من فقه ودين وأدب ونحو وتاريخ



لم يبلغنا عن علمه شيء ، ولعله لم يحتجْ إليه لكثرة المال لديه ، أو أن بعض الأمراء كان يقدم له جُعلاً ثابتاً ، أو أنه شُغل ببعض المناصب التي ليس لها أهمية ، ولكننا ـ من حياته هذه ـ ومن مطالعتنا لعقده نكتشف أنه لم يكن سيء الأحوال كثيراً ، على الأقل في بعض أيامه . ذلك أن الحميدي كان الوحيد الذي لمَّح إلى فقره في أول أمره ، ثم إثرائه بسبب علمه . فقال : « كان لأبي عمر بالعلم جلالة .. وأثرى بعد فقر »



ولا يعني ما ذكرناه ، أن حياته كانت سعادة كلَّها ، أو أنه لم يتألم أو يتأثر يوماً ، بل إنه مرَّ بأحداث جسام ـ شأنه شأن أي إنسان ـ وهي مما وصل إلينا فقط ـ ولكنها لم تؤثر كلها في اتجاه حياته . وقد استطعنا أن نكشف بعض هذه الأحداث من شعره نفسه . فَقَدْ فَقَدَ ولدين في حياته ، وكانا أثيرين لديه ، أحدهما يحيى الذي رثاه بعدة قصائد تعبّر عن جرحةٍ في الفؤاد أليمة . وأصيب إبن عبد ربه بفالج في آخر حياته أقعده في بيته عدة سنين . وشكا من جور الزمان ، دون أن يلمّح إلى نوعية الشِّدة التي أقضَّتْ مضجعه

توفي ابن عبد ربه يومَ الأحد ثامن عشر جُمادى الأولى سنة 328 هـ، ودُفن يوم الاثنين في مقبرة بني العباس بقرطبة بعد أن استوفى إحدى وثمانين سنة قمرية وثمانية أيام . وقد أصيب كما ذكرنا بالفالج قبل وفاته ، تماماً كما حصل للجاحظ قبله ولأبي الفرج الأصفهاني بعده

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس