والـدي لقد خانتني الكلمات و لكني أدون لك هذه الكلمات في هذا الشهر الكريم،فهي ومن خطها
تعنيك أكثر ما تعنيني،أخطها بأناملي وهي مرتجفه،وعيوني وهي باكية،ولا بد أن يسافر كل إنسان إلى تلك البقعة،لا بد أن يتذوق الجميع طعم هذه الرحلة،ابي إن جاءتني
الملائكة طالبة روحي فعليَّ أن أقدمها باستسلام فقد اشتقت لك ،سأقدم روحي وأتلفظ أنفاسي الأخيرة وأغدو في ثبات عميق،سأصبح جثة هامدة تطير بي أجنحة الموت
إلى النهاية،عندئذٍ يا أبي،سأفر من حزني الذي ألبستني إياه رغماً عني برحيلك،كن بجانبي حتى في مماتي،وشاهد من خلف جفوني الجامدة المحتبسة من
دمعاتي،من شفاهي المتيبسة أوجع آهاتي،على ابنك تركته ومشيت فدربك الجنان،يأبي لا تضعف فأنا لم أصل بعد إلى ترابي ،أريد أكتافك التي حملتني في صدرك أن
تكون لي في انتظاري،أنظر إليكم يا أبي وأنا مبتسم للقائك ،أنظر إليك يأبي وناس تودعني في قبري،أنظر إليك يأبي وأبكي فأنت أبي وحناني الذي فقدته وقدوتي وتاج راسي،
ابكي وأتذكر أن هذه الأرض التي ضمتك ،ستضم أمي أيضا وأحبابي، وأن تلك السماء التي قبضت روحك ،ستجمعني بروحك يوماً ما،يا ابي ما زلت حيّاً في قلوبنا
ومخيلاتنا ،فلم ننساك ما حيينا , لأننا هنا وأنت هناك، رحمك الله وغفر لك وانزلك منزلة الشهداء و الصالحين ووسع في قبرك وجعله روضةً من رياض الجنه .