عرض مشاركة واحدة
قديم 06-18-2012, 08:39 PM   رقم المشاركة : 40

 

في ذلك العام المشؤوم عام 67 م كنا ندرس في مركز الدراسات التكميلية بالطائف وكان مدرسونا من الدول العربية ما عدى مدرس اللغة الإنجليزية فقد كان بريطانيا ، عطلت الدراسة وأصبحنا نحضر الراديو ( الحاكي ) كما سماه مجمع اللغة العربية بالقاهرة إلى الغصل .
ما أجمل ما كنا نسمعه من الانتصارات الوهمية ليس من صوت العرب فقط وعرابه أحمد سعيد بل من معظم إذاعات الدول العربية معتمدين على إذاعات مصر وكنا نترفب رمي إسرائيل في البحر ، ما أجمل أحلام اليقظة تلك !!!
معظم الدول العربية ادعت دخولها الحرب وإسقاطها طائرات للعدو فكأنها كالفراش عندما يتهاوى على النار
وكل يدعي وصلا بليلى === وليلى لا تقر لهم بذاك
كان مدرسنا البريطاني يدخل علينا مكفهرا في بداية الحرب ونحن نكاد نطير من الفرح ثم بدأنا نتناوب المشاعر ، في نهاية الحرب لأنه يتلقى أخباره من مصادر صادقة موثوقة كإذاعة لندن مثلا ونحن نتلقاها من مصادر غير شفافة مخادعة كإذاعات العرب .
بدأت تتكشف لنا الحقيقة المرة ( هزيمة العرب )
ثار زملاؤنا على مدرسنا البريطاني وعلى رأسهم ( علي زعكان ) رحمه الله فقال :
هيا يا طلاب نضربه ضربة رجل واحد ، وكاد يحدث مالا تحمد عقباه ، تدخلت في تهدئة الزملاء بصفتي ( عريف الفصل ) وقلت لهم هذا أستاذنا مهما يكن وهو أجنبي عنا ، وللتعبير عن غضبهم خرجوا من الفصل وأضربوا عن دخول الفصل عدة أيام وكرهوه وبالتالي مآدته ورسب كثير منهم .
أما المرحوم جمال عبد الناصر فله أيادٍ بيضاء ليس على مصر فقط بل على الدول العربية لا ينكرها إلا جاحد أو جاهل بقراءة التاريخ وخلفية الأحداث
ومن الإنصاف أن نذكر للرجل ولو شيئا من حقه على بلده وعلى العالم العربي .
أولا : كان العقل المدبر للثورة على الفساد في عهد فاروق فولدت جمهورية مصر العربية .
ثانيا : قضى على نظام الإقطاع الذي كان يسود مصر أنذاك حيث كان المصريون يعملون أجراء عند البشوات أصحاب الإقطاع .
ثالثا : أمم قناة السويس وأصبح دخلها خالصا للمصريين بعد أن كان لبريطانيا وفرنسا .
رابعا : بنى السد العالي لمصر بمساعدة الاتحاد السوفييتي سابقا بعد أن رفض الأمريكيون بناءه فاتجه للشرق وبذلك أنقذ مصر بمشيئة الله من الفيضانات المدمرة التي كانت تجتاح البلاد سنويا وأنقذها من الجفاف الذي كان يحدث ، فوفر للمزارعين معينا لا ينضب من المياه على مر العصور .
خامسا : استتبع بناء السد توفير طاقة هائلة من الكهرباء تغذي وادي النيل على امتداده .
سادسا : انتصر على العدوان الثلاثي ( اسرائيل - بريطانيا - فرنسا ) حينما هاجمته هذه الدول بسبب تأمينه لقناة السويس .
وفيها يقول الشاعر : إن القناة قناتنا فيها جرى دمنا وفاضت أنفسا لن ترجعا .
سابعا : أسس نواة للوحدة العربية باتحاده مع سوريا رغم فشلها بعد ثلاث سنين .
ورب قائل يقول : كان جمال يهدف إلى قيادة العرب !!!
تهمة بدون أسانيد ولو افترضنا ذلك جدلا فما المانع أن يقود الأمة العربية ( الرجل القوي الأمين ) أليست مصر هي أكبر دولة عربية ؟!!وأليست مصر هي من هزم المغول في عين جالوت بعد أن اجتاحوا العالم العربي شمالا ؟!!!وهزموا الصليبيين بقيادة صلاح الدين ؟!!
سابعا : وضع خطة حرب أكتوبر 73م ولم يمهله القدر فنفذها السادات بعده .
ثامنا : كان للأمة العربية ثقلها السياسي الدولي في عهده والعرب متحدون رأيا وبمساعدة من الملك فيصل عليه رحمة الله .
تاسعا : كان خطيبا مفوها مرتجلا يجلس بالساعات وكنا نعد العدة ونحن صغار للاستماع إلى خطابه .
عاشرا : مات - رحمه الله - لا يملك بيتا يأويه ولولا عطف الحكومة التالية فأعطت أهله تلك الفليلة لأصبح أهله ضيوفا على الرصيف
وقارنوا بما حل بمصر من الفساد بعده
أما هزيمة العرب فلها أسباب كثيرة ومنها أنهم دخلوا الحرب غير مستعدين لها وليسوا متحدين عسكريا على الأقل ، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ،دخلوها كما يقول نزار قباني :
إذا خسرنا الحرب مرتين لا غرابه
لأننا ندخلها بمنطق الخطابه
بمنطق الطبلة والربابة
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة
أحببت أن أدلي بما أعرفه عن تلك الفترة المظلمة والتي لازلنا نجتر أذيالها وشكرا لك يا غامد أوي أن أتحت لنا فرصة ثمينة كهذه .

 

 

   

رد مع اقتباس