عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2009, 09:47 AM   رقم المشاركة : 1
( أبو العبر ) عجوز “الباحة” عذّبته الهوية الغائبة وأماته السرطان


 

.

*****

نهاية حزينة لرجل امتدت مأساته لأكثر من 70 عاماً ورحل إلى رحمة الله

حينما كنا ندرس في معهد المعلمين من 1394هـ إلى سنة التخرج كنا نشاهد المرحوم كل صباح وهو متجه إلى الباحة وفي الظهر نشاهده داخل سوق الباحة وكان البعض يحاول التحدث معه ولكن يرفض تماما

كان يُعرف باسم ( ابراهيم سكين ) وبـ( أبو العبر )


الاثنين, 15 ديسمبر 2008م

أبو العبر.. عجوز “الباحة” عذّبته الهوية الغائبة وأماته السرطان



الاثنين, 15 ديسمبر 2008
عبدالرحمن أبو رياح - الباحة

لم يمهل القدر محمد سويد الملقب بـ «أبو العبر» حتى يتسلم بطاقة الأحوال التي ظل ينتظرها لسنوات والتي تحركت بالأمس القريب من أدراج المعنيين في الاحوال المدنية بالرياض بعد ثبوت نسب الرجل شرعا بالمحكمة وسخرت الأيام من أحلام السبعيني العجوز الذي طرق كل الأبواب آملًا اثبات سعوديته بعد سنين قضاها في مصحة نفسية وتقدم الموت بخطى أشجع و أسرع ليحمل عن الرجل المعاناة ويمد له التراب وسادة راحة ونهاية مصير بل ويؤكد له ان بوابات القبر لا تحتاج لهويّة ولا يعنيها عنوان الراحلين. رحلة عذاب ستظل منقوشة في ذاكرة سكان قرية “الحمدة” بل ربما مواطني الباحة جميعهم عاشها ابو العبر بلا هوية وبلا سكن لأكثر من 70 عاما أدخل خلالها العديد من المستشفيات النفسية وخضع لعمليات تجميل من اللشمانيا التي شوهت ملامحه وراجع في أيامها العديد من الإدارات الحكومية لإثبات سعوديته. وعلى الرغم من المرض اللعين الذي أحال حياة الرجل الى جحيم لا يطاق الا أن عين العجوز كان ترقب الأمل و تنتظر بطاقة بملامح دواء تداوي الحلم الجميل قبل الجسد المنهك. ويالها سخرية الأيام ففي الوقت الذي اقترب ضوء بطاقة الأحوال الخافت من عيون السبعيني العجوز أغمض الموت العيون وحال بينها وبين رؤية “الهوية الأمل” ولفظ الرجل انفاسه الأخيرة بمستشفى الملك عبد العزيز للأورام بجدة، وهو يتمتم البطاقة التي تعينه وزوجته على الحياة.

الغريب ان “المدينة” كان القلم الأول الذي خط رحلة أبو العبر على الورق و نسجت قصته عبر عدة لقاءات معه ومع ذويه وأفراد قبيلته وحكت حكاية العجوز الذي كان يهيم على وجهه في الطرقات و يسير أكثر من 100 كم يوميا مشيا على الأقدام ويتعرض لأصناف عدة من العذاب من خلال مطاردة الصبيان له بعد ان أصيب بمرض اللشمانيا الذي قضى على أنفه وكان وقتها يحلم بالزواج إلا أن صدمة الرفض والمرض جعلته في حالة هستيرية أدخل على إثرها مستشفى الأمراض النفسية في الطائف لأكثر من عشرين عاما قبل يتم نقله إلى مستشفى الأمراض النفسية في بلجرشي ويمكث به قرابة عشرين عاما حتى قيض الله له “محمد غرم الله الغامدي” أحد شباب قريته لزيارته ومن ثم أخذه بخطاب من سمو وكيل أمارة منطقة الباحة للرعاية به والعناية به ومراجعة الإدارات الحكومية به وقال غرم الله "للمدينة" أن ابو العبر توفي قبل أن يستلم البطاقة التي صدرت فعليا من وزارة الداخلية بعد مراجعته لها وقال مساعد مدير الأحوال في منطقة الباحة سعيد الحداوي أن معاملة محمد أرسلت إلى الرياض لإنهاء اجراءتها بشكل نهائي.. مات أبو العبر بعد ان عاشت رحلة معاناته فى ذاكرة المقربين وعلى صفحات الصحف والمنتديات و شاشات الفضائيات.. مات ابو العبر لتنتهي حكايته ذات الفصول الموجعة والتي تجاذبتها اللشمانيا والسرطان والسخرية والهوية وانهاها الموت الرحيم. دفن أبو العبر في مسقط رأسه بالحمدة واقيم عزاؤه في حي الصفا بجدة. واسدلت الحياة ستائرها على حكاية العجوز والبطاقة بطيئة الخطى.


*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس