عرض مشاركة واحدة
قديم 05-21-2011, 11:24 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

فالرجوع للعلماء الراسخين في العلم - لا سيما في زمن الفتن والنوازل - ليس اختيارًا؛ بل هو فرضٌ شرعي، وأمرٌ إلهي.
يقول تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء: 83].
ومن منارات ودلائل الاهتداء في الفتن: البُعد عن كل ما يُفضِي إلى الفُرقة والاختلاف؛ ومن ذلك: ما يحصُل من بعض المُجادَلات العقيمة التي تُثير الشحناء والبغضاء، فقد كرِه النبي - صلى الله عليه وسلم - من المُجادَلة ما يُفضِي إلى الاختلاف والتفرُّق؛ فقد روى الترمذي في "سننه" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على قومٍ من أصحابه وهم يتجادَلون في القدَر، فكأنما فُقِئَ في وجهه حبُّ الرمان، وقال: «أبِهذا أُمِرتم؟ أم إلى هذا دُعيتُم؟ أن تضربوا كتابَ الله بعضَه ببعض، إنما هلكَ من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتابَ الله بعضَه ببعض».
أمة الإسلام:
وإنه إزاء ما تعيشُه بعضُ بلاد المسلمين من فتنٍ وأحداث فإن كل غيورٍ مهتمٌّ بشأن أمته يُلاحِظُ أنه حدَثَت فتنٌ في تضاعيف هذه الأحداث تُشعِلُ فتيلَها والأُوَار، وتسكُبُ الزيتَ على النار، وتعمل على إذكاء النَّعَرات والعصبيات التي تُفاقِمُ الأوضاع سوءًا، وتُمكِّن لأعداء الأمة استغلالَها لأغراضٍ خطيرة، مما يتطلَّبُ الوعيَ والإدراكَ لما يُحاكُ للأمة الإسلامية من مُؤامرات ترمي إلى الإضرار بوحدتها والعبَث بأمنها واستقرارها، وتشحنُ النفوس نحو الفتنة والفُرقة بدعواتٍ مُضلِّلة، وشائعاتٍ مُغرِضة تنالُ من الثوابت والمُسلَّمات، وتطالُ الإساءة للرموز والمُحكَمات، أو المُزايَدة على الشريعة والتهجُّم على دُور العبادة ليتحقَّق للأعداء ما يُريدون من إهدارٍ للطاقات، وتدميرٍ للمُقدَّرات، بما أفضى إلى إشغال أمتنا عن كُبرى قضاياها ونكئِ مآسيها في ذكرى نكبتِها.
ولعل الغُيُر يتفاءَلون بأَخَرة بالمُصالحة والاتفاق بعد التجافي والافتراق.

أمة التوحيد والوحدة:
وإن من الفتن التي ضاعَفت المِحنُ علَّتها، ودأَبَت على تأجيج جذوَتها: فتنةَ إذكاء النَّعَرات الطائفية المَقيتة المُحتدَّة، والعصبية الشتيتة المُمتدَّة التي انحرَفَت عن الولاء الصحيح، وفرَّقَت صفَّ الأمة الصريح.
إن ركوبَ موجة النَّعَرات الطائفية الجانحة المُتدرِّعة بحُجَجٍ واهية - وفي هذه الآونة تحديدًا - لم يكن من دَيدَنه إلا تصديرُ الفتن والقلاقِل والبغضاء، وصناعةُ الزوابِع والشحناء، وإفسادُ العلاقات البريئة بين أفراد المجتمع الواحد، وبين أفراد الأمة جمعاء؛ تشتيتًا للوحدة الإسلامية، إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 92]، دون عقلٍ رادِع، ولا ضميرٍ وازِع.
وإن من المُقلِق للغَيُورين: أن تلكم النَّعرات الرَّعناء قد أمِرَ أمرُها وازداد، وتوسَّع مدُّها وارتاد، ولكن دون إنصافٍ أو سداد؛ حيث تتناولُ الحقائقُ المُدلَّلة الراسخة بالمُغالطات الماسِخة، وتتصدَّر الحقَّ الصُّراح، بالتمويه والجُناح، وأسانيد مبتورة الجَناح.
ولعَمرُ الله؛ إنه لا فوز للأمة وسعادة للخلق إلا بالدين الحق على هدي الوحيَيْن الشريفين.
وإن كتابَ الله أعدلُ حاكمٍ فيه الشِّفا وهدايةُ الحيرانِ
والحاكمُ الثاني كلامُ رسوله ما ثمَّ غيرُهما لذي إيمانِ
وصدق الله العظيم حيث يقول في كتابه الكريم - وهو أصدق القائلين -: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153].
بارَك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من جميع الذنوب والخطيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفورٌ رحيم.

 

 

   

رد مع اقتباس