عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2011, 02:28 AM   رقم المشاركة : 512
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road


 


الحلقة الثامنة :

لعله من نافلة القول أن اشير إلى أن التوتر الذي يشوب علاقة المراهق بولي أمره في كثير من

المجتمعات أمر عادي مالم يخرج عن حدوده الطبيعية ، فالولاء عادة في هذه المرحلة يكون لمجموعة

الرفاق وليس لولي الأمر ، وكثيرا من تصرفات المراهق التي يجسد من خلالها تعبيره عن رأيه الدال

في نظره على إكتمال رجولته وإيذانا بميلاد مرحلة استقلاله بنفسه قد لاتعجب والده ، وتلك التصرفات

في الغالب لاتخرج في بداية الأمر عن تمرد المراهق على بعض العادات والتقاليد السائدة في المجتمع

وهو مايعتبره ولي الأمر وخصوصا إذا كان ( تقليديا ) خروجا عن الطاعة فيلجأ إلي أسلوب يعتقد صحته

ليعيد الابن إلى جادّة الصواب وهو ـ أي الأسلوب ـ في نظر الابن خاطئا فيبدأ عندها صدام بين الطرفين

يكون منشؤه اختلاف الثقافات ليس إلا.... لكنه قد يمتد إلى ماهو أبعد من ذلك إذا لم يتم إحتواؤه في

حينه .




ومقولة الخليفة الراشد عمربن الخطاب رضي الله عنه ( ربوا أبناءكم لجيلهم فإنهم خلقوا لجيل غير

جيلكم )
لم تكن معروفة لدى كثير من المربين والمعلمين في ذلك الزمن ( زمن دراستي للثانوية العامة

) فما بالكم بالأميين وأنصاف المتعلمين ، وبما أن والدي رحمه الله لم يكن متعلما وكان تقليديا من

الدرجة الأولى يدفعه إلى ذلك تماسك أهل القرية وحساسيته المفرطة من نظرات الغير وشماتة

الشامتين، فقد كانت تصرفاتي في مرحلة المراهقة تحضى بجل إهتمامه لأن أي سلوك خاطئ لايخفى في

مجتمع قليل عدد أفراده معروفة كل أسره ، ولذا كان رحمه الله من منبع حرصه على تربيتي لايسمح لي

حتى بممارسة بعض السلوكيات التي أقل مايقال عنها الآن أنها عادية أو مطلوبة ، مثل لعب الكرة (

قدما كانت أم طائرة ) أو الاشتراك في الأنشطة المدرسية كالكشافة مثلا ، هذا فضلا عن اقتراف ما

يعتبره من وجهة نظره جنحة قد تؤدي إلى الانحرف كالسير مكشوف الرأس أو استخدام الكبكات و

ارتداء السراويل الطويلة وما إلى ذلك ، فمابالكم بالتدخين أو السهر خارج المنزل !




من كل ماذكرته يمكنكم تكوين صورة ولو تقريبية عن مدى رسمية العلاقة التي كانت تربطني بأبي في

ذلك الوقت ومدى جدّيتها ، فهي أشبه ماتكون بعلاقة مرؤوس برئيسه وليست علاقة إبن بأبيه ، لكنّها

بالمناسبة لم تكن تختلف أبدا عن علاقة معظم الآباء بأبنائهم آنذاك
بل إن بعض أقراني في القرية كانوا

يحسدونني على أبوة والدي لي كونه في نظرهم مثالا للديموقراطية وحب النقاش والتفاهم .





هذه مقدمة لما أردت أن أطرحه عن الكيفية التي يمكن أن ينتهجها شاب في ظروف كهذه لإقناع أبيه

بأمر فيه مافيه من الخروج عن المألوف ؟! وماهو دارج في المجتمع ؟! أمر لم يسلكه أحد من قبله

من أبناء الوادي ( الالتحاق بكلية قوى الأمن الداخلي ) صحيح أن هناك إثنان سبقاه إلى المجال

العسكري من أبناء الوادي وهما محل تقدير الوالد وثنائه لكن أحدهما طيار وهو قدوة الجميع ( سعادة

اللواء علي بن أحمد
) أمد الله في عمره، والثاني في الجيش ( سعادة اللواء عبد الجبار بن عبدالله )

متعه الله بالصحة والعافية والفارق بينهما وبينه أن الأثنين ليسا في جهاز الأمن الداخلي أو مايعرف

لدى العامة بالشرطة وهو القطاع الذي يكرهه الوالد تماما كونه صاحب تجربة سابقة مريرة معه عندما

كان تاجرا في الطائف، إضافة إلى أن ضباط الشرطة في كل من مكة وجدة والطائف أغلبهم من

الحضر ( كان الانتساب للشرطة فيما مضى يعدّ عيبا عند أبناء القبائل ) ولم تكن سلوكيات معظمهم سوية

وهوعلى علم تام بذلك كونه كان سائق تاكسي في المنطقة الغربية وعانى الأمرين منهم ومن تسلط

العسكر وتجبّرهم عليه وعلى غيره
.




خلاصة القول ،أني أخذت استمارة التقديم إلى الكلية وملأت فراغاتها بالبيانات المطلوبة ماعدا توقيع

ولي الأمر ورقم هويته وتاريخها ومصدرها وقدمتها إلى الوالد وكان يجيد القراءة والكتابة فلما انتهى

من تصفحها سألني: فين مقر هذه الكلية ؟

فأجبته ، في الرياض !

قال : واللي يتخرج منها واش يشتغل ؟

قلت ، ضابط .

قال : إنت ياولدي ضابط وانت بعد عندي هنه كيف لازدت تخرجت ضابط واش آسوي بك ؟!


أخذت الآستمارة بعد أن أعادها إليّ وتراجعت خطوة بل خطوات إلى الخلف خوفا من أن يقوم بتمزيقها

وانسحبت من أمامه وهو يردد : إلى تخرجت واناابوك من الثنوي علمتك وين تدرس !

 

 
























التوقيع