عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2010, 08:05 PM   رقم المشاركة : 4

 

قصة جميلة يا ابا رائد جمال اخلاقك وادبك لك مني خالص الشكر والتقدير فقد استمتعنا بها كثيرا .
وقد وردت هذه القصة في كتاب فضيلة الدكتور عائض القرني مجالس الادب بصيغة اخرى وان كان المغزى واحد ووجدتها بهذا النص مع اختلاف بسيط لكن المغزى كما اسلفت واحد .
(( قصة أبناء نزار بن معد بن عدنان
يحفل التاريخ العربي بنماذج شتى من فنون وأنواع الأدب، وتحمل أسفاره لنا كما هائلا من هذه الفنون، فقد كان العرب يحملون صفات اختصوا بها بين الأمم والشعوب، كالشجاعة والكرم والفراسة والذكاء المفرط، ولكل قاعدة شواذ،ورغم انهم كانوا بداة لاكاتب عندهم ولاكتاب، الا ما ندر، الا انهم كانوا يعتمدون على الرواية بالنقل، وكل ماصلنا منهم جاء من هذا الطريق، ثم جاء عصر التدوين وتم تسجيل ماأمكن نقله من الرواة،وما فُقد فهو أكثر، واثناء الحروب التي حدثت في العالم العربي فقدت كثير من الكتب، ولازالت اسماءها منقوله في بعض الفهارس القديمة الا انها مفقودة الى يومنا هذا، فمثلا كتاب المزي(الكمال في اسماء الرجال) وهو مختص برجال الحديث، يقال انه ضخم جدا،وأصله مفقود، وقد كان اختصره الذهبي في كتاب اسماه تهذيب اسماء الرجال فاصبح في حوالي أربعون مجلد، ثم اختصر ابن حجر كتاب المزي هذا في ثلاث مجلدات واسماه(تقريب تهذيب الكمال) ثم اختصر المختصر الذي الّفه مرة أخرى بكتاب أسماه(تقريب التقريب) وهذا إن دل على شي، إنما يدل عن عزوف الناس عن القراءة!
ولكي لا أخرج عن الموضوع كثيرا، أعود الى موضوع العنوان، فهذه قصة ابناء نزار، وابناء نزار كما هو معروف أربعة،فمنهم مضر على عمود النسب النبوي، وثلاثة خارجون عنه وهم ، إياد وربيعة وأنمار، وقد حدثت لهم هذه القصة مع ملك نجران الأفعى الجرهمي وتفصيل القصة كالتالي:
لما حضرت نزار الوفاة دعا اياداً وعنده جارية شمطاء، وقال: هذه الجارية الشمطاء وما أشببها لك0
ودعا أنماراً وهو في مجلس له وقال:هذه البدرة، والمجلس وما اشبههما لك،ودعا ربيعة وأعطاه حبالاً سوداً من شعر، وقال: هذه وما اشبهها لك، وأعطى مضر قبة حمراء، وقال: هذه وما اشبهها لك، ثم قال: وإن أشكل عليكم شئ ، فأتوا الأفعى بن الأفعى الجرهمي- وكان ملك نجران0
فلما مات نزار ركبوا رواحلهم قاصدين الأفعى تنفيذا لوصية والدهم، فلما كانوا من نجران على مسافة يوم، اذا هم بأثر بعير، فقال إياد: انه أعور! فقال أنمار وإنه لأبتر! فقال ربيعة: وإنه لأزْور! وقال مضر: وإنه لشارد00لايستقر!
فلم يلبثوا حتى جاءهم راكب، فلما وصلهم قال: هل رأيتم بعير ضال؟
فوصفوه له كما تقدم00فقال الراكب: إن هذه لصفته عينا، فأين بعيري؟ قالوا 00مارأينا! فقال:أنتم أصحاب بعيري، وما أخطئتم من نعته شيئا!
فلما أناخوا بباب الأفعى وأستأذنوه، واذن لهم، صاح الرجل بالباب، فدعا به الأفعى، وقال له ما تقول؟ قال: أيها الملك، ذهب هؤلاء ببعيري! فسألهم الفعى عن شأنه، فأخبروه،فقال لإياد :مايدريك انه أعور؟ قال: رأيته قد لحس الكلأ من شق والشق الآخر وافر!
وقال أنمار: رأيته يرمي بعره مجتمعا ولو كان أهلب لمصع به! فعلمت انه أبتر!
وقال ربيعة:أثرُ احدى يديه ثابت، أما الآخر فاسد، فعلمت أنه أزور!
وقال مضر:رأيته يرعى الشقة من الأرض ثم يتعداها فيمر بالكلأ الغض فلا ينهش منه شيئا، فعلمت انه شرود!
فقال الأفعى:صدقتم! وليسوا بأصحابك فالتمس بعيرك0
ثم سألهم الأفعى عن نسبهم فأخبروه، فرحب بهم وحيّاهم، ثم قصوا عليه قصة أبيهم، فقال لهم:كيف تحتاجون إليّ وأنتم على ما أرى؟ قالوا: أمرنا بذلك أبونا، فأمر خادم دار ضيافته أن يحسن ضيافتهم، ويكثر مثواهم، وأمر وصيفا له ان يلتزمهم ويحفظ كلامهم، فأتاهم القهرمان بشهد فأكلوه، فقالوا: ما رأينا شهدا أطيب ولا أعذب منه، فقال إياد: صدقتم لولا ان نحله في هامة جبّار! ثم جاءهم بشاة مشوية، فأكلوها واستطابوها ، فقال أنمار:صدقتم لولا انها غذيت بلبن كلبه! ثم جاءهم بالشراب فاستحسنوه، فقال ربيعة: لولا ان كرمته نبتت على قبر! ثم قالوا: ما رأينا منزلا أكرم قِرى ولا أخصب رَحْلاً من هذا الملك، فقال مضر: صدقتم لولا انه لغير أبيه!!!!!!!!!!
فذهب الغلام الى الأفعى فأخبره بكل ما سمع مما دار بينهم، فدخل الأفعى على أمه فقال: أقسمت عليك الا أن تخبرينني من أبي؟؟؟
قالت: أنت الأفعى ابن الملك الأكبر، قال حقا لتصدقينني! فلما ألح عليها قالت أي بني: إن الأفعى كان شيخا قد أُ ثقل، فخشيت ان يخرج هذا الأمر عن أهل هذا البيت، وكان عندنا شاب من أبناء الملوك اشتملت عليك منه، ثم بعث الى القهرمان فقال: أخبرني عن الشهد الذي قدمته الى هؤلاء النفر ما خطبه؟ قال: طلبت من صاحب المزرعة أن يأتيني بأطيب عسل عنده فدار جميع المناحل فلم يجد أطيب من هذا العسل الا أن النحل وضعه في جمجمة في كهف، فوجدته لم يُر مثله قط فقدمته لهم!
فقال: وما هذه الشاه؟ إني بعثت الى الراعي بأن يأتيني باسمن شاة عنده،فبعث بها وسألته عنها فقال:انها أول ما ولدت من غنمي فماتت أمها، وأنِست بجراء الكلبة ترضع معهم، فلم أجد في غنمي مثلها فبعثت بها!!
ثم بعث الى صاحب الشراب وسأله عن شأن الخمر فقال: هي كرمة غرستها على قبر أبيك، فليس في بلاد العرب مثل شرابها0
فعجب الأفعى من القوم وقال: ماهم الا شياطين! ثم أحضرهم وسألهم عن وصية أبيهم، فقال إياد: جعل لي خادمة شمطاء وما اشبهها، فقال الأفعى:انه ترك غنما برشاء فهي لك ورعاؤها من الخدم! وقال أنمار:جعل إليّ بدرة ومجلسه وما أشبهها،فقال: لك مارتك من الرقة، والأرض! وقال ربيعة:جعل لي حبالا سودا وما اشبهها،ترك أبوك خيلا دهما وسلاحا فهي لك وما معها من موالي! فقيل ربيعة الفرس، وقال مضر: جعل لي قبة حمراء وما اشبهها، قال ان أباك ترك ابلا حمراء فهي لك، فقيل مضر الحمراء0
هذه هي القصة، وتتجلى فيها معالم الفراسة والذكاء والصدق والوفاء جنبا الى جنب ))


شكرا لك يا ابا رائد مرة اخرى وجزاك الله خيرا .

 

 
























التوقيع



سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .

   

رد مع اقتباس