سر السعادة
إن سرَّ السعادة هو سكينة واطمئنان القلب ،
مما يؤدى إلى استمتاع الانسان بحياته رغم مروره بالشدائد والنكبات .
إنه السرُّ الذى باح به الإمام ابن القيم ، فقال :
(( فى القلب شعثٌ لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأُنس بالله ،
وفيه حُزن لا يُذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يُسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ،
وفيه نيران حسراتٌ لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ،
ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه فاقة لا يسدّها إلا محبته والانابة إليه ،
ودوام ذكره ، وصدق الإخلاص له ، ولو أُعطى الدنيا وما فيها ، لم تُسدّ تلك الفاقة أبداً )) .
إنها الصلة الربانية ، صلة الأرض بالسماء ، تجعل الانسان يعيش سعيداً ومطمئناً .
إنه السرُّ الذى جعل الإمام أحمد بن حنبلٍ يعيش سعيداً ومطمئناً ، مع أن ثوبه مرقّع ، ويخيطه بيده ،
ويسكن فى ثلاث غرفٍ من طين ، ولا يجد إلا كسرات الخبز مع الزيت ،
وبقى حذاؤه - كما قال المترجمون - عنده سبع عشرة سنه ،
يرقعه ويخيطه ،
ويأكل اللحم فى الشهر مرة .. إنه بمقياس أهل الدنيا الآن :
مسكين وحزين وتعيس .
ولكن لا يعلم هؤلاء أن السعادة الداخلية والرضا الداخلى لا يشعر به أحد غير صاحبه ،
لأنه بالداخل فى الأعماق ، ولأنه موصول بالله ،
فهى الروح التى تنبض للحياة بالحركة ،
والنور الذى يشع للإنسان طريقه ، إنه السرُّ فى صناعة النجاح ..
وفى الحديث (( إذا أحبّ الله تعالى العبد ، نادى جبريل :
إن الله تعالى يحبّ فلاناً فأحبّه ، فيحبّه جبريل ، فينادى فى أهل السماء :
إن الله تعالى يحبّ فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ،
ثم يوضع له القبول فى الأرض ))
متفق عليه : رواه البخارى