عدد النقاط : 10
رســالة في ليلـــة التنفيـــذ=للشاعر هاشم الرفاعي أبتاه ماذا قد يخطُّ بناني ..=.. والحبلُ والجلادُ ينتظراني هذا الكتابُ إليكَ مِنْ زَنْزانَةٍ ..=.. مَقْرورَةٍ صَخْرِيَّةِ الجُدْرانِ لَمْ تَبْقَ إلاَّ ليلةٌ أحْيا بِها ..=.. وأُحِسُّ أنَّ ظـلامَها أكفاني سَتَمُرُّ يا أبتاهُ لستُ أشكُّ في ..=.. هـذا وتَحمِلُ بعدَها جُثماني الليلُ مِنْ حَولي هُدوءٌ قاتِلٌ ..=.. والذكرياتُ تَمورُ في وِجْداني وَيَهُدُّني أَلمي فأنْشُدُ راحَتي ..=.. في بِضْـعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ والنَّفْسُ بينَ جوانِحي شفَّافةٌ ..=.. دَبَّ الخُشوعُ بها فَهَزَّ كَياني قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بالإلهِ ولم أَذُقْ .=... إلاَّ أخيراً لـذَّةَ الإيمـانِ والصَّمتُ يقطعُهُ رَنينُ سَلاسِلٍ ..=.. عَبَثَتْ بِهِـنَّ أَصابعُ السَّجَّانِ مـا بَيْنَ آوِنةٍ تَمُرُّ وأختها ..=.. يرنو إليَّ بمقلتيْ شيــطانِ مِنْ كُوَّةٍ بِالبابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ ..=.. وَيَعُودُ في أَمْنٍ إلى الدَّوَرَانِ أَنا لا أُحِسُّ بِأيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ ..=.. ماذا جَنَى فَتَمَسُّه أَضْغاني هُوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا أبي ..=.. لم يَبْدُ في ظَمَأٍ إلى العُدوانِ لكنَّهُ إِنْ نـامَ عَنِّي لَحظةً ..=.. ذاقَ العَيالُ مَرارةَ الحِرْمانِ فلَـرُبَّما وهُوَ المُرَوِّعُ سحنةً ..=.. لو كانَ مِثْلي شاعراً لَرَثاني أوْ عادَ-مَنْ يدري- إلى أولادِهِ ..=.. يَوماً تَذكَّرَ صُورتي فَبكاني وَعلى الجِدارِ الصُّلبِ نافذةٌ بها ..=.. معنى الحياةِ غليظةُ القُضْبانِ قَدْ طـالَما شارَفْتُها مُتَأَمِّلاً ..=.. في الثَّائرينَ على الأسى اليَقْظانِ فَأَرَى وُجوماً كالضَّبابِ مُصَوِّراً ..=.. ما في قُلوبِ النَّاسِ مِنْ غَلَيانِ نَفْسُ الشُّعورِ لَدى الجميعِ وَإِنْ هُمُو ..=.. كَتموا وكانَ المَوْتُ في إِعْلاني وَيدورُ هَمْسٌ في الجَوانِحِ ما الَّذي ..=.. بِالثَّوْرَةِ الحَمْقاءِ قَدْ أَغْراني؟ أَوَ لَمْ يَكُنْ خَيْراً لِنفسي أَنْ أُرَى ..=.. مثلَ الجُموعِ أَسيرُ في إِذْعانِ؟ ما ضَرَّني لَوْ قَدْ سَكَتُّ وَكُلَّما ..=.. غَلَبَ الأسى بالَغْتُ في الكِتْمانِ؟ هذا دَمِي سَيَسِيلُ يَجْرِي مُطْفِئاً ..=.. ما ثارَ في جَنْبَيَّ مِنْ نِيرانِ وَفؤاديَ المَوَّارُ في نَبَضاتِـهِ ..=.. سَيَكُفُّ في غَدِهِ عَنِ الْخَفَقانِ وَالظُّلْمُ باقٍ لَنْ يُحَطِّمَ قَيْدَهُ ..=.. مَوْتي وَلَنْ يُودِي بِهِ قُرْباني وَيَسيرُ رَكْبُ الْبَغْيِ لَيْسَ يَضِيرُهُ ..=.. شاةٌ إِذا اْجْتُثَّتْ مِنَ القِطْعانِ هذا حَديثُ النَّفْسِ حينَ تَشُفُّ عَنْ ..=.. بَشَرِيَّتي وَتَمُورُ بَعْدَ ثَوانِ وتقُولُ لي إنَّ الحَياةَ لِغايَةٍ ..=.. أَسْمَى مِنَ التَّصْفيقِ ِللطُّغْيانِ أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ أُخمِدَتْ ..=.. سَتَظَلُّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ بِدُخانِ وقُروحُ جِسْمِكَ وَهُوَ تَحْتَ سِياطِهِمْ ..=.. قَسَماتُ صُبْحٍ يَتَّقِيهِ الْجاني دَمْعُ السَّجينِ هُناكَ في أَغْلالِهِ ..=.. وَدَمُ الشَّـهيدِ هُنَا سَيَلْتَقِيانِ حَتَّى إِذا ما أُفْعِمَتْ بِهِما الرُّبا ..=.. لم يَبْقَ غَيْرُ تَمَرُّدِ الفَيَضانِ ومَنِ الْعَواصِفِ مَا يَكُونُ هُبُوبُهَا ..=.. بَعْدَ الْهُدوءِ وَرَاحَةِ الرُّبَّانِ إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى ..=.. أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ الْبُرْكانِ وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ ..=.. سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ الطُّـوفانِ فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً ..=.. أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ وَالسُّلْطانِ أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي ..=.. أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى النِّسْيانِ؟ أمْ أنَّني سَأَكونُ في تارِيخِنا ..=.. مُتآمِراً أَمْ هَـادِمَ الأَوْثـانِ؟ كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي ..=.. كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً ..=.. غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا ..=.. إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي ..=.. يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى الدُّنى ..=.. وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكانِ وَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ غُصُونِهِ ..=.. يَوْماً جَديداً مُشْرِقَ الأَلْوانِ وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَـرَّةً ..=.. تَجْـري عَلَى فَمِ بائِعِ الأَلبانِ وَأتـى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَنا ..=.. سَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ وَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاً ..=.. في الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى العِيدانِ لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ ما ..=.. صَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ يَدانِ نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةً ..=.. وَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ الْعِرفانِ أَوْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ إلى ..=.. بَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ الأَعْوانِ أَنا لا أُرِيدُكَ أَنْ تَعيشَ مُحَطَّماً ..=.. في زَحْمَةِ الآلامِ وَالأَشْجانِ إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلالِهِ ..=.. قَدْ سِيقَ نَحْوَ الْمَوْتِ غَيْرَ مُدانِ فَاذْكُرْ حِكاياتٍ بِأَيَّامِ الصِّبا ..=.. قَدْ قُلْتَها لي عَنْ هَوى الأوْطانِ وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أُمِّيَ في الدُّجى ..=.. تَبْكي شَباباً ضاعَ في الرَّيْعانِ وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في أَعْماقِها ..=.. أَلَمَاً تُوارِيهِ عَـنِ الجِيرانِ فَاطْلُبْ إِليها الصَّفْحَ عَنِّي إِنَّني ..=.. لا أَبْتَغي مِنَها سِوى الغُفْرانِ مازَالَ في سَمْعي رَنينُ حَديثِها ..=.. وَمقالِها في رَحْمَةٍ وَحنانِ أَبُنَيَّ : إنِّي قد غَدَوْتُ عليلةً ..=.. لم يبقَ لي جَلَدٌ عَلى الأَحْزانِ فَأَذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بِالْبَحْثِ عَنْ ..=.. بِنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ عِصْياني كـانَتْ لهـا أُمْنِيَةً رَيَّـانَةً ..=.. يا حُسْنَ آمالٍ لَها وَأَماني وَالآنَ لا أَدْري بِأَيِّ جَوانِحٍ ..=.. سَتَبيتُ بَعْدي أَمْ بِأَيِّ جِنانِ هذا الذي سَطَرْتُهُ لكَ يا أبي ..=.. بَعْضُ الذي يَجْري بِفِكْرٍ عانِ لكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْ ..=.. بَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ القُرْصانِ فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ هِمَّتي ..=.. مَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِ وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ ..=.. قُدْسِيَّةِ الأَحْـكامِ والمِيزانِ على بحر الرجز-----------= ( مستفعلن مستفعلن مستفعلن )