الموضوع: مواقف
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-17-2009, 01:06 AM   رقم المشاركة : 43

 


تعطّلت سيارتي وأنا في أول سنة جامعيّة ، وكنت في طريقي من جده إلى مكة لحضور محاضرة ..

فركبت مع أحد المسافرين ، ونزلت بمدخل مكّة ، ومن ثمّ توقّف سائق " كرسيدا 80 " ،

لاحظت من خلال الاتفاق جمع السائق - الخمسيني تقريباً - كلّ علامات العنجهيّة ، من تشمير ساعدين وعمامة على الكتف ،

وهيئة وأسلوب تتلتقيان بشخصيّة أبو هلال التي أدّاها الشمراني ..


أُجبرت على الركوب حفاظاً على الوقت ،

وبمجرّد ركوبي أطلق العنان لأسئلته الفضوليّة ، وتحليلات لوضعي الاجتماعي والاقتصادي ..

وكنت أختصر إجاباتي ، لإيقاف حديثه نهائيًّا ..

لأنّي غارق في بحر التفاكير ومنشغل الذهن بالمحاضرة التي سيفوت زمنها ،
وبكيفيّة توزيع المئة ريال التي معي على مشوار ذهابي وعودتي ، وإصلاح السيارة ..


من وين أنت ؟؟ غامدي .. ما عندك موتر ؟؟ لا ..
وش يشتغل أبوك ؟؟ موظف .. كم راتبه ؟؟ ما ادري ..
عندك أخوان ؟؟ لا ..

أساءه تجاهلي وبدا عليه الانزعاج ،

فأخذ يسلّي نفسه ويطرب سمعي ببعض القصائد الجنوبيّة ..

وبعد كلّ مقطوعة يسألني : تعرف من قال تالقصيدة ؟؟

وإجابتي الجاهزة : لا .. طيب هذي ؟؟ لا .. وهذي ؟؟ لا ..


فجأة أوقف السيارة بعنف ، حتّى كاد رأسي يرتطم بالزجاج ..

وسألني بصراخ : حضري انت ..
قول انت حضري ولا وش انت ؟؟


رددت وكلّي دهشة : لا والله ما ني حضري ..

عاد للسير وأنا لا أعرف لماذا توقّف أثناء السؤال ؟!
وماذا كان سيفعل لو شكّ مجرد شك أنّي حضري ؟!


هل سيكتفي بإنزالي ، أم سيتشاجر معي بتهمة ( التحضّر ) وعدم حفظ الموروث ؟!
" وهذا من أسباب اهتمامي الحالي بالشعر "

عاد لقصائده ،
وأنا أنتظر سؤاله عن اسم القائل ، ومتأهّب بإجابة أعدّدتها بعد ما ( خذ عقلي من الخرعه )
سأتصنّع التذكّر ثمّ أقول : سمعت القصيدة كثير لكنّ والله إنّي نسيت اسم الشاعر ..
" عالم ما تجي إلا بالعين الحمرا "

خيّب توقّعي ولم يسألني عن شيء ، فبدأت أعود للتفكير في تدبير يومي ..

وفجأة توقّف بشدّة وعنف أكثر ممّا سبق ، ناظراً إلى كاتب هذه السطور ومتظاهراً بالخوف منه ويصيح بأعلى صوته :

مجنون إنت ؟! والله إنّك مجنون .. قول انت مجنون ولا ايش ؟!
وأنا أعيييييييييييييييييط
وأقول لا ما ني مجنون ..
وفي حالة رعبٍ حتّى من نفسي ونوباتي الجنونيّة ..


سار مسافة ثمّ سألني بحيرة / بالله أنت مجنون ؟!

فقلت لا ، ولا علاقة لك بي ، حضري أو مجنون ..
" احترم نفسك وتأدّب أحسن لك "
ما بالأحمر كان من أحاديث النفس ..

أخذ في تسبيح الله ..
سبحان الله في هذا الحيّ كان واحد مجنون شبهك تماماً ..


يالله المستعان ..

وصلت الجامعة على طريق الطائف ( العابديّة ) ،

وبعد نزولي لم يكن معي ولا معه صرفاً للمئة ..

فنزل من سيارته ، وبدأ يصيح بشكلٍ ملفت :
بتسرقني يا صبي غااااااامد ..
بتسرقني يا صبي غااااااامد ..


ولخلوّ المكان من المحلات أخذت وقتاً طويلاً في البحث عن صرف ..

وأخيراً / لم يقبل الأستاذ بدخولي المحاضرة نظراً لتأخّري ، والمحاضرة الثانية لم يحضر أستاذها ..

ولم أصل جده إلا مساءً ، وبطاقتي مرهونة في إحدى الورش ..


.
.

ترقّبوا غداً أنس أمام شخصيّة تتقاطع مع كلٍّ من :

السيّد صاحب الكاميرا الخفيّة زمااااان ..



والمفيدي في خالتي قماشة ..



وهتافير شعبولا ..



وسوبرمان ومنقذ الوزارات غازي القصيبي ، في مشهد مافي هالبلد غير هالولد ..
.
.

لا أبشّركم انتهت المواقف ،

أتمنّى لكم التوفيق ..


شكراً أستاذي عبدالحميد بن حسن ، وعذراً على الإطالة ..

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس