عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2011, 04:30 PM   رقم المشاركة : 17

 

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فاتقوا الله - أيها المسلمون - حقَّ التقوى، اتقوه في السر والعلَن؛ فإنه - بارك وتعالى - قائمٌ على كل نفسٍ بما كسبت.
أيها المسلمون:
إن الله أمركم بعمل الأسباب، إن الله أمركم وحثَّكم على العمل الصالح واكتساب العلم النافع؛ فإن العلم النافع والعمل الصالح عليه مدارُ السعادة في الدنيا وفي الآخرة، قال الله - تبارك وتعالى -: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[التوبة: 105].
فإذا عمِلتم الأسباب فقد قمتم بما أمركم الله به، وما وراء ذلك فالله - تبارك وتعالى - يتولاَّه، والله - عز وجل - يقول: إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا[الكهف: 30].
فيا أيها المسلمون:
وجِّهوا همَّتكم إلى إصلاح قلوبكم وأعمالكم ونفوسكم، ثم ابذلوا جُهدَكم ووسعَكم في إصلاح شباب الأمة كلٌّ على قدر استطاعته؛ فإن الأمةَ هي بصلاح شبابها، وإن ما تكون فيه الأمة من شرٍّ وبلاء هو بسبب انحرافٍ في شبابها، فاتقوا الله - أيها المسلمون -.
أيها الناس:
أنتم ترون وتسمعون وتشاهدون ما حلَّ بالمسلمين من المصائب، فعليكم بالدعاء بأن يُصلِح الله أحوالَ المسلمين.
أدعو اللهَ - عز وجل - أن يحقِن دماء المسلمين، وأن يصُونَ ويحفظَ أعراضَهم وأموالَهم، وأن يُفقِّههم في الدين، وأن يتوبَ عليهم أجمعين، وأن يُصلِح أمورهم، وأن يكفِيَهم شرَّ كل ذي شرٍّ فإنه على كل شيءٍ قدير، وهو الغفَّار التواب.
فاصدقوا اللهَ - تبارك وتعالى - في الدعاء؛ فإنه - تبارك وتعالى - قريبٌ مجيب، واسألوا الله لأنفسكم ولجميع المسلمين التوبةَ إلى الله؛ فإنه ما وقع بلاءٌ إلا بذنب، وما رُفِع إلا بتوبة.
وإذا وُكِل العبادُ إلى أنفسهم فإنهم من الهالكين.
أسأل الله - تبارك وتعالى - أن يحفظ المسلمين في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وأن يُصلِح أحوالهم، وأسأل الله أن يتوبَ علينا وعليهم أجمعين، وأن يُفقِّهَنا وإياهم في الدين، وأن يُعيذَنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن شر كل ذي شرٍّ إنه على كل شيء قدير.
اللهم استُر عوراتنا وآمِن روعاتنا يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أعِذنا وذرياتنا من إبليس وشياطينه وذريته وجنوده يا رب العالمين، اللهم أعِذ المسلمين وذرياتهم من إبليس وذريته يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم ولاةَ أمورنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك واجعل عمله في رضاك، اللهم أصلِح به البلاد والعباد، إنك على كل شيء قدير.
اللهم وأصلِح بِطانتَه، اللهم وفِّق نائبَيْه لما تحبُّ وترضى، ولما فيه الصلاحُ للبلاد والعباد، ولما فيه الخيرُ للإسلام والمسلمين يا رب العالمين.
اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم، واهدِهم سُبل السلام، وأخرِجهم من الظلمات إلى النور، اللهم اكشِف كل كُربةٍ عن المسلمين يا رب العالمين، اللهم تُب علينا وعليهم يا أرحم الراحمين.
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا[البقرة: 286].
اللهم إنا نسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تُصلِّي وتُسلِّم صلاةً وسلامًا كثيرًا دائمَين أبدَين على نبينا نبي الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وارضَ عن أصحابه أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ يا رب العالمين، وعن سائر الصحابة أجمعين.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ[النحل: 90، 91].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

   

رد مع اقتباس