عندما نقرأ موضوعاً ما يجد الواحد نفسه أمام واقع عايشه ولازالت ذكراه تقبع في الذاكرة>
( .. مساري الليل ..) مفهوم له أكثر من مدلول ..
لكن مدلوله هنا يختلف تماماً عن الهدف الأخر المفهوم حالياً ..
فمسرى الرجل المكافح الاخ نايف كان لهدف محدد هو مواصلة الدراسة وطلب العلم ..
( اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ) وفي هذا القول دليل على أهمية العلم والحث على طلبه ..
لكن المعاناة في ذلك الوقت لم تكن سهلة كانت تعيقها عوائق كثيرة .. وأهم تلك العوائق هو الخوف المزروع في نفوسنا منذ الصغر ولا زلنا نخشاه إلى اليوم ..
الجن وما أدراك ما الجن ..
نايف بن عوضه أبلى بلاء حسناً في سبيل النجاح وتحقق له ما يريد وهذا بفضل الله ثم بصبره ومثابرته له منّا الشكر والدعاء .
بن ناصر .. أنت زميل دراسة في الصف السادس وهذا فخر لي بأن تكون احد زملائي دراسياً ..
أعود معك إلى الفسحة المدرسية آنذاك .. كم هي جميلة تلك الأيام ونحن نكون قروبات فسحة من قرى متعددة نشترك في قارورة حبر .. ( مليئة بالماء والسكر ) ونغمس فيها كسرة الخبز التي لاتسمن ولا تغني من جوع ونشترط على بعضنا عدم تغميس اللقمة كاملة حتى نوفر اليدام .. ( حلوة اليدام ) . وما تبقى منه هذا إذا بقي شيء نقسمه في الغطاء ونرشفه ونتذوق طعمه الذي لا يزال في حلوقنا إلى اليوم ..
تطور بنا الحال في المتوسطة إلى أن الوالد أو الوالدة عليهم رحمة الله تعالى يعطونا أربعة قروش .. ( باقي تذكرها ) قرشين نشتري بها نصف حبه تميس والقرشين الأخرى نشترك بها مع أحد الزملاء في كاس شاهي من اليماني .. في عراء ..
بعد الانتهاء من الدوام والعودة إلى المنزل نجد الوالدة عليها الرحمة قد أعدت لنا طبقاً لذيذاً من رز بكة وسمن فقيهه .. وأحياناً خبزه وحقينة ( لبن ) أو خبزه وبراد شاهي منعنش ...
مررت بالخوف الذي ذكره الأخ نايف أثناء الدراسة ليلاً .. فقد كنت ادرس مجاميع تقوية عند مدرس ساكن في العباس والموعد بعد صلاة العشاء مباشرة ..
اطلع بعد المغرب من المناشلة متجهاً إلى الريحان من فوق المقابر لكي أمر على سعيد بن شبرق .. ثم أعود معه إلى بيته وأواصل المشي إلى القرية من نفس المكان ..
( بيني وبينك كنت أتحاشى المرور من الطريق الذي يتجه إلى قريتكم العامرة خوفاً من الميلشيات الرحبانية الموقرة) ..
فاضطر أمر على مقابر الريحان ثم مقبرة للوادي تحت بيت الدميني .. والخوف يدب في كل جزء من جسمي ..
ومرة من المرات .. كنت لابس حذاء جميل جداً ( زنوبة طويلة شوي ) ..أثناء المشي كان بعض الحجارة يقع في الطرف الطويل منها ثم تحمله وتحذف بها في ظهري وكنت ظانا أن الجن هم وراء هذا الحذف وعينك ما تشوف إلا النور .. الكتب في أيد والحذاء في أيد وماشي بسرعة 120 في تلك الطرقات غير مبالي بشيء .. النجاة النجاة .. ما عليش أطلت الثرثرة لكن الموضوع شدّني للوراء ..