الموضوع: مقال اليوم...
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-19-2009, 12:52 PM   رقم المشاركة : 26

 




صحيفة الوطن السعودية
الخميس 2 ذو الحجة 1430 ـ 19 نوفمبر 2009 العدد 3338 ـ السنة العاشرة


--------------------------------------------------------------------------------

اقتلوا لاعبي الخصم!
تركي الدخيل
آخر آثار حرب الرياضة بين مصر والجزائر، وقوع حالات طلاق بين المتزاوجين، من الجنسيات المصرية والجزائرية، هذا غير الضرب واللزخ، والمطارحات والملاكمات، وغير الحركات البذيئة في المدرجات بين مشجعي الفريقين. يقول لي صديق يمتاز بالملاحظات الخبيثة:"من مميزات هذا النزاع، أنه فضح أشياء كثيرة لدينا معاشر العرب"، وحينما استزدته رأى أن " كل ما يجري على خلفية المباريات ليس سوى تعابير ثقافية للحالة العربية المتخلفة على مستويات كثيرة". ويمكننا أن نوجز الفضائح بالنقاط التالية:
-الهمجية: على الرغم من وجود حالات خارجة عن الأطر التقليدية من قبل المشجعين في أنحاء العالم، وبخاصةٍ لدى الانجليز، أصحاب التاريخ الطويل في الخروج عن النص وإفساد الحياة اليومية، لكنها حالات محدودة في الجماهير فقط، أما هنا في صراع بني يعرب فقد دخلت النخب والساسة على خط المواجهات. وبعد المؤتمر الصحفي الذي عقد قبل المباراة الفاصلة رفض رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم مصافحة نظيره المصري، على غرار ما يفعله قادة الجيوش المتحاربين، وأبطال حلبات الملاكمة، الخارجين عن الروح الرياضية.
-الإعلام الصارخ: إذا فتحت قناة جزائرية ستسمع صرخات وأخبارا تحرض على اعتبار المباراة أم المعارك، وتنادي بالثأر للوطن من المعتدين الغزاة، فتتاح الاتصالات الهجومية ضد الفريق المصري، وذات الموضوع تجده حذو القذة بالقذة، إذا تابعت قناة مصرية. في حالة من الاحتقان يشجعها الإعلام.
-المزايداة على الدين: معلق إحدى الفضائيات من شدة حماسته مع الفريق المصري وصفه بـ"فريق الساجدين"، وكأن الفريق الجزائري لا يعرف السجود، ويبدو أن هذا اللقب شرّق وغرب، وطرب له الرعاع، لأنه يجعل الفريق المصري في حالة حصانة دينية، فإذا خلعت عليه هذا الوصف، فمن ذا الذي يستطيع أن ينتقد أو يعارض أو لا يشجع أو يضرب فريق الساجدين، إنها طريقة للتحصن بالدين ضد كل أشكال النقد والاستهداف.
قال أبو عبد الله غفر الله له: تلك الأمراض موجودة في حياتنا العادية واليومية، الفرق أن هذه المباريات نشطتها وحفّزتها، وجعلتها واضحة للعيان، وهذه نماذج فقط للأمراض التي أبرزتها هذه المباراة، وإلا فغيرها كثير، ويكفي أن تتأمل في الجماهير وحركاتهم وأصواتهم، أو في القنوات وصراخها، تعلم علم اليقين كم نحن في حالة يرثى لها من التخبط والطيش والسخف. ولا ندري ما آلت إليه مباراة البارحة، ليس نتيجة رقمية، بل في أعداد الضحايا والخسائر البشرية والمادية.
يبدو أن الفائز الحقيقي هو الطالب السوداني الذي منح إجازة من الدراسة بالأمس، في سلوك عربي أصيل. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.


--------------------------------------------------------------------------------
حقوق الطبع © محفوظة لصحيفة الوطن 2007

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس