عرض مشاركة واحدة
قديم 11-05-2009, 10:48 AM   رقم المشاركة : 36
وهل يخفى القمر ؟ !


 

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على
من بعثهُ ربه معلماً ومربياً وهادياً وبلسما محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيرا :
وبعد : مكثت أياما انتظر هذه الفرصة الذهبية لأسعد بمشاهدة السيرة العطرة لأبي ياسر
ووالله لم يمنعني من الدخول سوى المشاغل الشديدة والتي أمر بها من خلال
عملي في التربية والتعليم مديراً لمدارس ابتدائية ابن الجزري ومتوسطة الإمام ورش لتحفيظ القرآن
الكريم والتي بها إحدى وثلاثون فصلاً وعدداً يقارب الألف طالب للمرحلتين فأخذت من وقتي الكثير ,,
وقد وعدت أبي ياسر أن يكون لي رد يتناسب مع مكانته في أعماق قلبي والتي لايعلم قدرها إلا رب
السموات والأرض ,, فهذا الرجل عشت معهُ أكثر من أسبوعين في مكتبه تعلمت منه من المباديء
والمثل وفن التعامل مع الآخرين مايغنيني عن الآف من الدورات التدريبية ويعلم الله أنني استفدت
منها الكثير والكثير فهو علم من أعلام التربية والتعليم بجده وتقاعده خسارة فادحة جداً لنا جميعاً
وأُشهد الله تعالى أن له فضلاً عليّ بعد الله تعالى فيما وصلت إليه الأن فالأيادي البيضاء تستحق منا
أن ندعو لها ونبارك أفعالها , فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ , وسأذكر لكم بعض مواقفه معي
لأني أخشى أن تخونني الذاكرة فلو ذكرتها كلّها لأحتجت إلى تأليف كتاب في هذا الخصوص ومنها :
& قبل عشرون عاماً من الأن تم نقلي من مدينة تنومة الخضراء إلى مدينة جده قبل أن تصبح محافظة
وحيث كنت وقتها لست متزوجاً فجاءت الحركة الداخلية لتعليم جده بتعييني في قرية مشرق ذرا وهي
تبعد عن جده حوالي 300 كم وهي قرية نائية لايوجد بها أبسط مقومات الحياة المعيشية فذهبت إلى
أبي ياسر حفظه الله شارحاً له ظروفي الصعبة حيث أن الوالدة بمفردها لايوجد معها أحد يلبي طلباتها
وأخي د.خالد كان يحضر الدكتوارة في كندا فذهب معي مشكوراً إلى شؤون المعلمين
وحيث أنني لم أستلم المباشرة من الاتصالات بادارة التعليم فطلب مني أن أحضر
إلى مكتبه يومياً حتى تنفرج الأزمة ,, فبقيت على هذا الأمل النادر أسبوعين فكنت أحضر مبكراً لمكتبه
وأجدهُ قد سبق حتى مرؤوسيه ليكون القدوة الحسنة للقائد الاداري المميز وخلال هذه المدة تعلمت
أشياء ثمينة من هذا الجبل الشاهق الابتسامة لاتغادر محياه طوال فترة الدوام والكلمة الطيبة لجميع
من يتعامل معهم والتعامل الراقي والخلق الحسن وخدمة الناس الذين يعرفهم والذين لايعرفهم !!
ووالله كان يأتيه أناس غير سعوديين يريدون تسجيل ابناؤهم في المدارس وهو لايعرفهم فيقوم بأخذ
سماعة الهاتف ويتصل بمدراء تللك المدارس بل ويترجاهم في قبول هؤلاء الطلاب
حتى أنه يقوم بكتابة خطاب لمدير شؤون الطلاب ليتم قبولهم في المدارس !!
فأجد الدعاء الصادق منهم له أن يبارك له في رزقه وأهله وماله ودعوات أخرى من الأعماق له !!
ومن التعامل الرائع أنه لايقفل سجل الدوام حتى التاسعة صباحاً ! فاستغرب منه ذلك فأقول لماذا
لاتقفل الدوام حسب النظام ؟ فيرد مبتسماً أن للناس ظروفاً صعبة وأعلم بعضها ومنهم من لديه أبناء
في مدارس بعيدة ولذلك أعذرهم ! ويأتي بعضهم يستأذن لظرف طاريء فيسمح له ويطلب من زميله
أن يقوم بعمله حتى يأتي دون أن يرد أحداً أبداً خلال فترة بقائي بمكتبه ! !
والصعوبة أخواني في التعامل مع الجمهور فيأتيه أحيانا أناس يفتقدون حوار الأدب في الكلام وقد
يسيئون في الرد فتجده هادئاً صلباً يرد بهدوء وأدب وتواضع قل أن تجده عند أي قائد إداري !
وإذا ذكرت ذهابي له في فترة أسبوعين بقابلني يومياً بابتسامة وأحس أنني ضيفاً ثقيلاً عنده
ووالله لم أجده متجهماً أو غاضباً أو منفعلاً أو لايعبرني وله الحق في ذلك ولكني وجدته انساناً رائعاً
بكل ماتحملهُ الكلمة من معنى ,, فهنيئاً لأهل القرية قائداً بمثل هذا الرجل النادر !!
وكان يقول لي دائماً ياطارق لاتستعجل ولا تيأس قلا تضيق إلا وتفرج وإن مع العسر يسرا والصبر
مفتاح الفرج ! وكنت في نفسية سيئة لايعلمها إلا الله وكان لي بلسماً شافياً في الابتسامة التي أراها
يومياً في محياه وعندما طرقت كل السبل قال لي اذهب واستلم المباشرة وسوف تفرج ! فذهبت إلى
هناك وباشرت في وضع نفسي مؤلم وبعدها بثلاثة آسابيع جاء الفرج ونم نقلي إلى قرية في كلية
صعبر وهي تبعد حوالي 60 كم من جده في مدرسة تسمى أحمد بن حنبل فخف الحمل وبعدها بأسبوع
كلمني مدير المدرسة بأن لهم زميلاً يداوم في مدرسة التضامن الاسلامي بحي بني مالك في جده
ويريد أن يتم بينك وبينه التبادل فذهبت فرحاً إلى المنقذ أبا ياسر والذي ضحك
وقال الم أقل لك أنها تفرج فكتبت أنا وزميلي ورقة التبادل فذهب به مسرعاً المنقذ إلى مدير التعليم
وقتها الأستاذ عبدالله الزيد والذي وافق على النقل فكانت نقلة كبيرة في مشواري التربوي والتعليمي
حتى وصلت إلى مكانة عالية في أن أكون قائداً ومديراً لمدارس تحفيظ القرآن الكريم في شمال جده
ولن أنسى عندما عينت وكيلاً في التحفيظ وجدت ماصات وكراسي الطلاب مصدية لها أكثر من
خمس وعشرين عاماً فذهبت إلى المشاريع والصيانة لأطلب ماصات وكرسي جديدة ففوجئت برفضهم
فذهبت مسرعاً إلى المنقذ أبا ياسر والذي قام بالاتصال مشكورا بمدير المشاريع والذي وافق على
اعطائنا الكميه على فترة سنتين متتاليتين ومن الأشياء التي تقدر فتذكر وتشكر له أننا طالبنا بخطاب
لمدير التعليم بأن يكون هناك مجمع لمدارس تحفيظ القرآن الكريم بحي السلامة الجديد فكون لجنة
برئاسة الأستاذ / عبدالله الثقفي وعضوية رؤوساء الأقسام وكان من بينهم الأستاذ/ عبدالحميد حفظه
الله والذي طلبت منه أن يكون مساتداً لنا عند أخذ الرأي بالموافقة فقال لي أكدت ذلك لهم والأن بعد
شهور قليلة سنستلم المجمع الجديد والذي هو على التشطيب النهائي ..
فماذا أقول ؟ وكيف أكتب ؟ وأي عبارة أُعبر ؟ وما هي الخاتمة لهذا المقال ؟
أبا ياسر أعذرني فلا زال في فمي ماء !!!! دمت جبلاً شامخاً لنا كجبال تهامة !
فأنت القائد المربي الخلوق الشهم والذي ستظل في قلبي ساكناً فيه ماحييت أبدا
تقبل تحيات وتقدير ومحبة واعتزاز أسرة مدارس التحفيظ إدارة ومعلمين وطلاب
وجزاك الله عنا وعنهم وعن الاسلام كل خير وثقل به موازين حسناتك يوم نلقاه تعالى
دعاء : أسأل الله عز وجل بالاسم الأعظم الذي إذا سئُل به أجاب أن يقال لك يوم القيامة أدخل من أي أبواب
الجنان الثمان شئت . آمين
أخوك الصغير والمقصر في حقك كثيراً / طارق بن محمد بن قشاط

 

 

   

رد مع اقتباس