يسعدني ويشرفني أن اسطر بعضا مما حفظه التاريخ لعلم من أعلام وادي العلي والذي كان له بالغ الأثر في أبنائه الطلاب , لما كان يتمتع به من طيب المعشر ودماثة الخلق والحب الجم لكل من يتعامل معه ,ولكني وجدت نفسي ركبت مركبا صعبا فقلت ما حيلة المضطر إلا ركوبها .
استخرت الله واستعنت به وبدأت ابحث في سيرة هذا الرجل وإذا بي أقف أمام جبل أشم يعانق السماء علما وحلما ودينا وأدبا وخلقا , وكان حقاً عليّ وفاءً لهذا الشيخ فقد كان لي الشرف أن تتلمذت على يديه بالصف الأول ابتدائي بمدرسة وادي العلي , وهذا أقل القليل مما يجب أن أقدمه تقديرا وعرفانا له بالجميل .
ومما تجدر الإشارة به أنني استقيت هذه السيرة العطرة من عدة مصادر أولاها من أبنائه البررة : محمد وعبد الله ومن زملائه والمقربين إليه وهم : الشيخ سعد عبد الله المليص والشيخ حمود بن يحي بن مهدي متعهم الله بدوام الصحة والعافية وطولة العمر في طاعة الله ..
الشــيخ في ســطور
الاسم / صـالح بن عبد الله الـزبـيــر
من مواليد منطقة الباحة - قرية الباردة - عام 1335 هـ
بسب ظروف المعيشة وشظف العيش وقلة ذات اليد سافر الى السودان في الستينات الهجرية بحثا عن الرزق كما هو معتاد في تلك الحقبة الزمنية , طاب له المقام فترة من الزمن رجع بعدها من السودان وقد اكتسب الكثير من العلم والمال واستقر بمكة المكرمة ليجمع بين العلم والعمل والكسب الحلال حيث كان محباً للعلم ومجالسة العلماء فصار يقضي أكثر أوقاته متنقلاً بين حلقات العلم في الحرم المكي شغوفاً بمطالعة كتب الدين من فقه وتفسير وحديث ولغة حتى سار يشار إليه بالبنان ,
وفي هذه الاثناء فتح له بسطة صرافة في مغلق طه خياط بالمدعى بمكة المكرمة ,
ثم فتح له دكان بمشاركة أخيه أحمد رحمة الله عليهم جميعاً ولكن لم يوفق فيه بشكل كبير بعد وفاة عبداللة المليص من قرية الريحان تقبل الشيخ صالح الزبير دكانه الواقع بمكة واشتغل به فترة من الزمن ولكن لم يوفق أيضا , مما دعا الشيخ سعد بن عبدا لله المليص لدعوة الشيخ إلى منطقة الباحة ليلتحق بالتعليم و بمعهد القراءات في السبعينات الهجرية.
وبعد عدة محاولات اقتنع بكلام الشيخ سعد وانتقل إلى الباحة وفتح له ولمجموعه من زملائه فصل نظامي بالمعهد ومن زملائه في ذالك الوقت احمد بن عبد الله بن ضيف الله ومحمد الشملاني وسعد بن احمد وعلي دغسان واحمد المنصوري ويحي بن علي الحمود .
وبعد إكمال دراستهم جميعا وأصبحوا يتقنوا القراءة والكتابة والحساب مع بعض العلوم الأخرى تم توضيفهم مؤقتاً بمدرسة بني ظبيان إلى أن التحقوا بدراسة الشهادة الابتدائية في نفس المدرسة وبعد حصولهم على الشهادة .
تم تعيينهم جميعا بمدارس المنطقة آن ذاك
فعين الشيخ صالح الزبير بمدرسة بني ظبيان فتره من الزمن ومن ثم انتقل إلى ابتدائية وادي العلي عام 1381هـ
حبا منه في التعليم ورغبة في تحسين مستواه العلمي والوظيفي واصل دراسته الليلية في المدرسة الريحانية للمرحلة المتوسطة , تخرج منها عام 1384هـ
ومن زملائه في تلك المرحلة احمد المليص وحمود بن يحي وسعد الكردي وعلي الكردي وغيرهم
ما قاله الشيخ سعد المليص , والشيخ حمود بن يحي عنــه :
الشيخ صالح الزبير يرحمه الله أحد أعيان وادي العلي ببني ظبيان , عُرف عنه حسن التصرف ذو فكر نزيه وعقل متميز يزن الأمور بعقلانية دون تسرع , سافر إلى السودان في الستينات الهجرية ومكث بها عدة سنوات استفاد منها علما وأدبا وماديا , أحد أعلام اللغة العربية ورجالاتها البارزين لا يشق له غبار, درس علومه الأولية واللغة العربية بالمسجد الحرام بمكة المكرمة وذلك في السبعينات الهجرية في القرن الرابع عشر , احد رجالات التعليم بغامد عين معلما بمدرسة بني ظبيان كان له ولمن زامله من رجالات التعليم البارزين بصمة واضحة ويدٌ طولى لها الفضل بعد الله في رفع مستوى التعليم ببني ظبيان إلى مستوى بارز وملموس , انتقل بعدها معلما في مدرسة وادي العلي حين افتتاحها بقي فيها معلما إلى أن وافاه الأجل المحتوم نتيجة حادث سيارة , وقد عُرف عن المرحوم بإذن الله دماثة الخلق ومراقبة الله في السر والعلن ينبذ التسرع في اتخاذ القرارات , محبا لزملائه يؤثرهم كثيرا يعاملهم باللين وحسن الجانب لا يحمل الحقد لأحد . يذكر له بكل إجلال وتقدير موقف ينم عن كرمه وطيب معشره وعدم الحقد : أنه ذات مرة كان في أيام الاختبارات يجلس مع زملائه المعلمين حول طاولة أثناء تصحيح أوراق الاختبارات قام ليتناول ورقة ليشرع في تصحيحها وبحسن نية من احد الزملاء سحب كرسيه مازحا إياه فما كان منه الا أن سقط على الأرض سقطة آلمته كثيرا وآلمت زملائه بمن فيهم من قام بسحب الكرسي فقاموا بإسعافه بالطرق التقليدية حيث لا مستشفى أو مستوصف آنذاك وتم إيصاله إلى منزله ومكث عدة أيام متأثرا بسبب الحادثة وبعد شفائه أقام له الزملاء حفلا تكريمياً وحرص الجميع على التكتم على من قام بسحب الكرسي حتى لا يؤثر ذلك على نفسية الشيخ رحمه الله , إلا أنه لم تزده الحادثة إلا تعلقا بزملائه واتضح أخيرا انه عرف من قام بسحب الكرسي في حينه وصار يتودد إليه ويدعو له ويعفو عنه , هذا موقف يدل على مستوى أدبه الرفيع وأخلاقه الجمة وطيب معروفه ومعشره وعراقة أصله .
هذا ما تيسر لي جمعه عن هذا الشيخ أسال الله أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وان يجمعنا به في مستقر رحمته ..
أرجو الدعاء له , ومن لديه إضافة يتحفنا بها شاكرين له سلفاً .