عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-2008, 10:33 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 20
إبن القرية is on a distinguished road


 



الجواب الثالث عشر

ما المقصود بالذين كفروا ؟


اختلف في قائل ذلك على قولين : أحدهما : أنهم كفار قريش ; قاله ابن عباس . والثاني : أنهم اليهود حين رأوا نزول القرآن مفرقا قالوا : هلا أنزل عليه جملة واحدة كما أنزلت التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود ..

ما الحكمة من إنزال القرآن مفرقاً؟

قال الله تعالى : " كذلك " أي فعلنا " لنثبت به فؤادك " نقوي به قلبك فتعيه وتحمله ; لأن الكتب المتقدمة أنزلت على أنبياء يكتبون ويقرءون , والقرآن أنزل على نبي أمي ; ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ , ومنه ما هو جواب لمن سأل عن أمور , ففرقناه ليكون أوعى للنبي صلى الله عليه وسلم , وأيسر على العامل به ; فكان كلما نزل وحي جديد زاده قوة قلب . قلت : فإن قيل هلا أنزل القرآن دفعة واحدة وحفظه إذا كان ذلك في قدرته ؟ . قيل : في قدرة الله أن يعلمه الكتاب والقرآن في لحظة واحدة , ولكنه لم يفعل ولا معترض عليه في حكمه , وقد بينا وجه الحكمة في ذلك . وقد قيل : إن قوله " كذلك " من كلام المشركين , أي لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك , أي كالتوراة والإنجيل , فيتم الوقف على " كذلك " ثم يبتدئ " لنثبت به فؤادك " . ويجوز أن يكون الوقف على قوله : " جملة واحدة " ثم يبتدئ " كذلك لنثبت به فؤادك " على معنى أنزلناه عليك كذلك متفرقا لنثبت به فؤادك . قال ابن الأنباري : والوجه الأول أجود وأحسن , والقول الثاني قد جاء به التفسير , حدثنا محمد بن عثمان الشيبي قال حدثنا منجاب قال حدثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى : " إنا أنزلناه في ليلة القدر " [ القدر : 1 ] قال : أنزل القرآن جملة واحدة من عند الله عز وجل في اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء , فنجمه السفرة الكرام على جبريل عشرين ليلة , ونجمه جبريل عليه السلام على محمد عشرين سنة . قال : فهو قوله " فلا أقسم بمواقع النجوم " [ الواقعة : 75 ] يعني نجوم القرآن " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم . إنه لقرآن كريم " [ الواقعة : 76 - 77 ] . قال : فلما لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم جملة واحدة , قال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ; فقال الله تبارك وتعالى : " كذلك لنثبت به فؤادك " يا محمد
لو أنزلنا عليك القرآن جملة واحدة ثم سألوك لم يكن عندك ما تجيب به , ولكن نمسك عليك فإذا سألوك أجبت . قال النحاس : وكان ذلك من علامات النبوة , لأنهم لا يسألون عن شيء إلا أجيبوا عنه , وهذا لا يكون إلا من نبي , فكان ذلك تثبيتا لفؤاده وأفئدتهم , ويدل على هذا " ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا " ولو نزل جملة بما فيه من الفرائض لثقل عليهم , وعلم الله عز وجل أن الصلاح في إنزاله متفرقا , لأنهم ينبهون به مرة بعد مرة , ولو نزل جملة واحدة لزال معنى التنبيه وفيه ناسخ ومنسوخ , فكانوا يتعبدون بالشيء إلى وقت بعينه قد علم الله عز وجل فيه الصلاح , ثم ينزل النسخ بعد ذلك


والله أعلم

تفسير القرطبي

جزاك الله خير

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس