.
*****
(حديث السبت 16/7/1429هـ)
 حَدَّثَنَا  أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ  قَالَ أَخْبَرَنَا  شُعَيْبٌ  عَنْ  الزُّهْرِيِّ  قَالَ أَخْبَرَنِي  عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ  أَنَّ  عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ  أَخْبَرَهُ أَنَّ  أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ  أَخْبَرَهُ  
أَنَّ  هِرَقْلَ  أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي  رَكْبٍ  مِنْ  قُرَيْشٍ  وَكَانُوا تِجَارًا  بِالشَّأْمِ  فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  مَادَّ  فِيهَا  أَبَا سُفْيَانَ  وَكُفَّارَ  قُرَيْشٍ  فَأَتَوْهُ وَهُمْ  بِإِيلِيَاءَ  فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ  الرُّومِ  ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ  أَبُو سُفْيَانَ  فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ فَوَاللَّهِ لَوْلا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ  يَأْثِرُوا  عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ قُلْتُ لا قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لا قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قُلْتُ لا قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لا قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا قَالَ وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قُلْتُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ  سِجَالٌ  يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ  وَالْعَفَافِ  وَالصِّلَةِ فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ فَذَكَرْتَ أَنْ لا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ  يَأْتَسِي  بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لا قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَذَكَرْتَ أَنْ لا فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ  لِيَذَرَ  الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لا وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لا وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لا تَغْدِرُ وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ  وَالْعَفَافِ  فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ  لَتَجَشَّمْتُ  لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  الَّذِي بَعَثَ بِهِ  دِحْيَةُ  إِلَى عَظِيمِ  بُصْرَى  فَدَفَعَهُ إِلَى  هِرَقْلَ  فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ 
 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ  مِنْ  مُحَمَّدٍ  عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى  هِرَقْلَ  عَظِيمِ  الرُّومِ  سَلامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ  بِدِعَايَةِ  الإِسْلامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ  تَوَلَّيْتَ  فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ  الأَرِيسِيِّينَ  وَ 
( يَا  أَهْلَ الْكِتَابِ  تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ   )
قَالَ  أَبُو سُفْيَانَ  فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ  الصَّخَبُ  وَارْتَفَعَتْ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ  ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ  إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ  بَنِي الأَصْفَرِ  فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلامَ وَكَانَ  ابْنُ النَّاظُورِ  صَاحِبُ  إِيلِيَاءَ  وَهِرَقْلَ  سُقُفًّا  عَلَى  نَصَارَى  الشَّأْمِ  يُحَدِّثُ أَنَّ  هِرَقْلَ  حِينَ قَدِمَ  إِيلِيَاءَ  أَصْبَحَ يَوْمًا  خَبِيثَ النَّفْسِ  فَقَالَ بَعْضُ  بَطَارِقَتِهِ  قَدْ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ قَالَ  ابْنُ النَّاظُورِ  وَكَانَ  هِرَقْلُ  حَزَّاءً  يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ قَالُوا لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلا  الْيَهُودُ  فَلا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ وَاكْتُبْ إِلَى  مَدَايِنِ مُلْكِكَ فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنْ  الْيَهُودِ  فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِيَ  هِرَقْلُ  بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ  غَسَّانَ  يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ  هِرَقْلُ  قَالَ اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لا فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ وَسَأَلَهُ عَنْ  الْعَرَبِ  فَقَالَ هُمْ يَخْتَتِنُونَ فَقَالَ  هِرَقْلُ  هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ  ظَهَرَ  ثُمَّ كَتَبَ  هِرَقْلُ  إِلَى صَاحِبٍ لَهُ  بِرُومِيَةَ  وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الْعِلْمِ وَسَارَ  هِرَقْلُ  إِلَى  حِمْصَ  فَلَمْ يَرِمْ  حِمْصَ  حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ  هِرَقْلَ  عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَأَنَّهُ نَبِيٌّ فَأَذِنَ  هِرَقْلُ  لِعُظَمَاءِ  الرُّومِ  فِي  دَسْكَرَةٍ  لَهُ  بِحِمْصَ  ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ  الرُّومِ  هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ  فَحَاصُوا  حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ فَلَمَّا رَأَى  هِرَقْلُ  نَفْرَتَهُمْ وَأَيِسَ مِنْ الإِيمَانِ قَالَ رُدُّوهُمْ عَلَيَّ وَقَالَ إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي  آنِفًا  أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأَيْتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ  هِرَقْلَ  
رَوَاهُ  صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ  وَيُونُسُ  وَمَعْمَرٌ  عَنْ  الزُّهْرِيِّ
(صحيح البخاري)
*****