
قال الله تعالى :


الإسراء 
إنّ للوالدين مقاماً كبيراً ،
 وشأناً عظيماً يعجز الإنسان عن إدراكه ،
 ومهما جهد القلم في إحصاء فضلهما ؛ فإنه يبقى قاصراً منحسراً عن تصوير جلالهما ،
 وحقهما على الأولاد ، وكيف لا يكون ذلك وهما سبب وجودهم ، وعماد حياتهم ! 
((وقضى ربك)) أي أمر ووصّى ،
 وقرن بعبادته – سبحانه - برّ الوالدين ، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدلّ على منزلتهما عند الربّ – تعالى - .
 وقد روى مسلم في صحيحه أنّ النبيّ – صلى الله عليه وسلم –
 قال : " رغم أنفه ، رغم أنفه ، رغم أنفه . قيل : من يا رسول الله ؟! 
قال : مَن أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما ، ثم لم يدخل الجنة " ،
 وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : 
سألت النبي – صلى الله عليه وسلم :
 أيُّ العمل أحب إلى الله تعالى ؟
 فقال : " الصلاة على وقتها " ، 
قلت : ثم أي ؟ قال : "برّ الوالدين " ، 
قلت : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " .
 فانظر – أخي القارئ – كيف قدّم النبيّ – عليه الصلاة والسلام – بِرَّ الوالدين على الجهاد .
 وأذكر في حج 1418هـ وقع حريق كبير في منى ،
 وكنتُ وقتها في مخيم العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – فجاء رجل يسأل الشيخ ،
 ويقول : لمّا اندلع الحريق انخلع قلبي ، وطار عقلي وصرتُ بين أمرين أحلاهما مُرّ :
 إما أن أنقذ أمي من الحريق ، وإما أن أنقذ طفليّ ؛ فغلبتْ عاطفة الأبوّة عليَّ فأنقذتُ طفليّ وتركتُ أمي حتى ماتت في الحريق ! 
فانتفض الشيخ – رحمه الله تعالى –
 وقال له متأثراً :
 " بئس ما صنعت ! 
إنّ الفرع إذا ذهب فإنه يُعوّض ،
 أمّا الأصل إذا ذهب فإنه لا يُعوّض " .
 اللهمّ ارزقنا بِرّ أمهاتنا وآبائنا 
 وارحمهما كما ربّوْنا صغاراً .
تحياتي  
...........