.
*****
الاثنين 21 جمادى الثاني 1438 هـ
الملك سلمان والسلام العالمي
بقلم د. سعيد أبو عالي
إذا كانت زيارات الملك فيصل- رحمه الله- للدول الشقيقة والصديقة قد تميَّزت بالدعوة إلى (التضامن الإسلامي) وتحرير فلسطين ومكافحة الاستعمار والشيوعية، فإنَّ زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- تتميَّز بالدعوة إلى السلام العالمي، والتسامح بين الثقافات والشعوب، ومحاربة الإرهاب.
بلادنا من الأكبر اقتصاداً، وابتدعت مشروعاً تنموياً جبَّاراً ضمن (رؤية 2030). بلادنا حالياً تقوم فيها صناعات متقدِّمة وزراعة تساهم في توفير الأمن الغذائي.
لدينا أكثر من ثلاثين جامعة إلى جانب مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والباحثون يبذلون جهدهم لتطوير الصناعة والزراعة حتى تقترب البلاد من مستوى (الاكتفاء الذاتي).
هذه الجهود الوطنية تجري فيما تقوم الدولة بخدمة الحرمين الشريفين بما يجعل الحجاج والعُمَّار والزوَّار يؤدُّون مناسكهم في أمن ويسر وسهولة. (وخدمة الحرمين) تأخذ الأولوية في التخطيط والتنفيذ، والملك والمواطنون يعتبرونها شرفاً وتشريفاً لهم.. وقد عبَّر عن ذلك قائدنا بأنَّه يعتز بأن يكون خادماً للحرمين الشريفين.
ننطلق في حياتنا اليومية، وفي برامج البناء الوطني الشامل من (الإسلام) الذي اتَّخذناه منهجاً (وهوية)، لأنَّ (الإسلام) دين سلام للبشرية كلها. ولأننا نتوق إلى الأمن نصنعه ونعيشه بدون التَّعدِّي على حقوق الغير.
التعليم في بلادنا مجَّاني يعمُّ الصحاري والأرياف والمدن. هو (حقٌّ) لكل مواطن والدولة مسؤولة عن حماية هذا الحق وإيصاله أيضاً إلى كل مواطن. ونعتزُّ بأنَّ نسبة الأميَّة بين المواطنين لا تتعدَّى حدود خمسة بالمائة. إنَّنا نرى (التنمية الشاملة) لا تقوم إلا في مجتمع متعلِّم، في ظل أمن شامل للمواطن والمقيم.
في ضوء ما تقدَّم فإنَّ الجولة الحالية للملك سلمان في قارة آسيا هي لدول تتقارب أهداف البناء الوطني فيها مع أهداف المملكة. التنمية للمواطن وبالمواطن. كل دولة تسعى للتسامح في داخلها ومع جميع شعوب وثقافات الأرض. كل دولة نهضت من تحت أنقاض التفرقة الاجتماعية والجهل والفقر وهذا حاربته بلادنا منذ قيامها. ماليزيا وإندونيسيا واليابان والصين وبروناي والمالديف والأردن تشاركنا النظرة بأنَّ الرفاه لكل مواطن يتحقَّق من خلال تعليم يقود إلى الإبداع وصناعات وزراعة تساهم في تحقيق الأمن الوطني.
وإذا كان مسجد الملك فيصل يقوم شامخاً في الباكستان فإنَّ مركز الملك سلمان للسلام العالمي الذي سيقوم في ماليزيا يدلُّ على رغبة السعوديين والمسلمين في التعايش مع أبناء جميع الديانات والثقافات.
قائدنا خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- بدأ عهده بإرادة وطنية سامية.. ترسِّخ العدل وتنبذ الظلم؛ تبني الإنسان وتعدُّه ليكون كنزاً حقيقياً للوطن؛ تحترم الذات ولا تسمح لأحد بالتعدِّي على الدين والوطن. وقد نادى الأمة العربية كلها شعوباً وقيادات من أجل الحفاظ على العزَّة، والمحافظة على التنمية، وتعزيز الأمن، ومكافحة الإرهاب. وأعطى من المملكة العربية السعودية مثالاً فهي تحرص على قضايا العرب والمسلمين بنفس مستوى الاهتمام أو المسؤولية التي تتجلَّى في بناء المملكة داخلياً.
وجولته في آسيا لا تقتصر على دولة عربية وإسلامية، بل إنَّها تعدَّت ذلك إلى ثقافة الصين ونهضة اليابان. تعزيز العلاقات مع جميع هذه الدول باتفاقات ثنائية مردودها يعود للإنسان في المملكة وفي جميع البلاد التي رحَّبت بقدومه إليها. يحتفي الإخوة الآسيويون بالملك سلمان ومرافقيه وكأنَّهم في بلادهم..
إنَّ (مركز الملك سلمان للسلام العالمي) إذا قام واكتمل في ماليزيا فإنَّه يمثِّل (التَّحدِّي) للمضي قدماً نحو التعايش واحترام الأديان وبناء الأوطان واحترام حقوق الإنسان. حيا الله الملك سلمان وزاده قوةً ونفاذ بصيرة حتى يعزِّز ويرسِّخ ويقوِّي مسيرة السلام العالمي.
*****