أخي وعمي أحمد
استمتعت كثيراً وأنا اتجول هنا في ذكريات اتسمت بالتنوع والتنقل من مكان إلى مكان ومن زمان ألى زمان..
ضربت على وتر حساس عندما تحدثت عن بيتنا في العبالة وعن جدي يرحمه الله تعالى .. لم اتمالك نفسي ووجدتني اكتب وانتقل إلى ذاك الزمان
وأضع القليل مما حملته ذاكرتي .. بإعتبار أنني قضيت طفولتي وما بعدها بين مدينتي جدة والمخواه..
لهذا البيت العتيق مكانة خاصة في قلبي لم اتخلف صيفاً عن زيارته منذ طفولتي وأنا برفقة والدي يرحمه الله .. وحتى عندما كبرت استمريت على هذه العادة المحببة إلى قلبي..
في هذا البيت أجد الدفء وأجد راحة البال من ضجيج المدن ومن صخب الحياة
وأنا في هذا البيت أشعر بكل شيء يجري من حولي
قبل الاشراق استمع إلى زقزقة العصافير وأشعر بقرب الظهر عند سكونها
واستمع إليها بعد العصر وأتنقل عصراً بين جنبات القرية وأتفكر في حياة من سبقونا وعاشوا في هذه البيوت
كيف مرت بهم فصول السنة وكيف قضوا شتائهم وخريفهم
وكيف استطاعوا بجدهم وكدهم تأمين لقمة عيشهم رغم قسوة الحياة ، إنها معونة الله..
احب الاستماع لهذه الذكريات وأجد كل المتعه عندما تسرد لي قصص حدثت في ذاك الزمان سواء كانت في بيتنا أو في القرية قبل ولادتي..
لا أريد أن أطيل عليكم ولكن شيء جال بخاطري هذه المشاعر والذكريات وأحببت مشاركتهم فيها
ولصاحب الوقار والتدين والزهد في الحياة جدي علي يرحمه الله الكثير من الذكريات والمواقف معي والتي لم أنساها أكتب عن إحداها هنا:
وهي عندما قمت بزيارته وجدتي حفظها الله أخذني الحديث معه يوماً عن أنواع التمور والتي أفضلها منها..
فقلت له أنني أفضل من أنواع التمور الروثانة ذات الحجم الكبير والتي نضج أعلاها وما زالت في عذقها كان حديثنا هذا مساءً حسب ما أذكر..
وفي صباح اليوم التالي صحوت من نومي ونزلت إلى الدور الأرضي لأتناول الإفطار وبعد وجبة الإفطار..
وبعدها انتقلت إلى مكان جلوس جدي فوجدته في إنتظاري وأمامه القهوة وحولها بالإضافة إلى المعتاد الروثانة التي تحدثت عنها ..
وعندما سألته عنها قال لي:
(وصيت عمك أحمد وهو نازل السوق يجيبها اليوم عشانك) ..
الحقيقة إختلفت عندي المشاعر حينها ما بين الحرج وبين السعادة ..
وهنا أضع قصيدة لجدي علي أحببتها منذ وقعت عليها عيناي في يدي والدي رحمهما الله
يقول فيها:
قصّر بي الشوف وانا واردٍ في شبابي
وأصبحت مرهون فيما بين راضي وشمّات
ماعاد نشري في النيمس ونرمي المثل به
حتى المحاضير محضرها ولا ارقى المشاريف
والبعد ما خرصه والسير صعبن عليه
....
علي يقل حوبما فكرت في كلمة ابي
ماكان ندري وش اللي حي معنا وش مات
ومن يفكر يضلي بين قومن مثل به
ومن مشى في جبال نايفات مشاريف
يمشي مع اهل التقى والدين في كل هيه
أسأل الله أن يغفر لأجدادي ولوالدي وأن يرحمهم رحمة الأبرار ويجمعني بهم في جنته ومستقر رحمته..