عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-2013, 08:22 PM   رقم المشاركة : 40

 

جنوب فوق صفيح ساخن

حمود أبو طالب
أجزم أنني لا أجازف أو أبالغ إذا قلت أن الخطر الذي نواجهه عبر حدودنا الجنوبية من المتسللين أكبر وأشد من خطر أي جيش أو عصابات مسلحة كما حدث في مواجهتنا مع الحوثيين. تلك حرب ومعركة واضحة الهدف وآنية، وخسائرها محدودة في أفراد القوات المسلحة، أما آلاف المتسللين فإنهم يشكلون خطرا مستمرا على أمن المجتمع بكل أشكاله لأن ما يتسلل معهم وما يقترفونه من جرائم أمنية وأخلاقية أصبح كارثة على المجتمع، ليس في المناطق المتاخمة للحدود وحسب، وإنما في أبعد منها، وبالتالي فإن ما نشرته بعض الصحف الإلكترونية خلال اليومين الماضيين عن مواجهات بين مواطنين وعصابات من المتسللين ليس مبالغة ولا تضخيما كما قد يظن البعض، وإنما تصوير لنتيجة التغلغل والجرأة والانتشار الذي وصلت إليه تلك العصابات.

ربما لم يتنبه قراء الصحف إلى الأخبار التي اعتادت نشرها منذ فترة طويلة وبشكل متكرر عن القبض على آلاف المتسللين يوميا وإعادتهم إلى الحدود، وكأنها جزء من الأخبار الروتينية وتقارير حالة الطقس، ورغم أنها لا تنقل سوى جزء يسير من الحقيقة إلا أنها واقع نعرفه جيدا وكان يجب التعامل معه بمنتهى الحزم منذ زمن بعيد. كان ضروريا أن تكون تلك الأخبار التي تتحدث عن آلاف المتسللين يوميا كافية لإزعاج الحاسة الأمنية بما يكفي للتدخل الحاسم، لكننا تأخرنا ــ للأسف ــ حتى وصل الأمر إلى مواجهات مباشرة بين المواطنين وعصابات المتسللين. أنا ابن منطقة جازان وأعرف كل تفاصيلها وما يحدث عبر حدودها كما يعرفه كل أبنائها، وقد شاهدت مناظر لا يمكن أن يتخيلها إلا من شاهدها، عشرات ومئات المتسللين يذرعون الطرق الترابية بين القرى زرافات ووحدانا، وتجمعات علنية مزودة بالسلاح تباع فيها كل الموبقات، لا يستطيع أحد غريب الاقتراب منها لأن حياته تكون مهددة بالخطر، وبعض المتسللين احتلوا منازل ونهبوها واعتدوا على ساكنيها في وضح النهار. كل هذا يحدث في نطاق محدود، أما لو فكرنا في ما يحدث على امتداد واتساع حدود منطقة جازان ومنطقة عسير فيمكن عندئذ تصور حجم الكارثة. إنه وضع قديم مزمن شجع المغامرين على التوافد.

إن الوضع في الشقيقة اليمن مضطرب جدا، ولا يمكننا التعويل عليه كثيرا في معالجة هذا المشكلة الخطيرة معنا؛ ولذا لا بد أن تتحمل أجهزتنا الأمنية مسؤولية حماية مجتمعنا وتقليص خطورة هذا الوضع إلى أدنى حد بكل الوسائل التي تملكها، وبأقصى سرعة.

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس