عرض مشاركة واحدة
قديم 02-18-2013, 12:19 PM   رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية العضو

مزاجي:










غرباوى غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


ذكر

التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
غرباوى is on a distinguished road


 

ماسح بلاط بالثانوية

بدر أحمد كريم



" محسن البلوشي" (22 عاماً) حازَ على شهادةِ الثانويةِ العامة، وبحث عن عمل، ولم يشترطْ مُرَتّبَاً شهرياً كبيراً، عَمِلَ أولاً ماسِحَ بَلاط في مطعم، ثُمّ قَلَى البطاطس، فمشرفاً على شوّايةِ اللحْم والدجاج، وبعد ذلك أصبحَ مديراً لمطعم، وأميناً للصُّنْدوق، وقفزَ راتبُه إلـى ( 3500) ريال وهذا كما قال-: "بِفَضْلِ الصّبْرِ، والعزيمةِ، وكسْرِ حاجز العيْب ".
تعجبني العصاميّة، أقفُ لصاحبِها تقديراً، وأَشُدُّ على يَدَيْه، وأقَبِّلُ رَأْسَهُ، فقد ضرب مثلاً لا أجدى منه في مواجهةِ مصاعبِ الحياة ومتاعبِها، ومِنْ ثَمّ فَهُوَ جديرٌ بالاحترام، وقدوةٌ حَسَنةٌ، لكل مَنْ يبحثُ عن عمَلٍ شريفٍ قادرٍ عليه، لا أنْ يلجأ لـمِدَّ اليد، أو التقاطِ الفُتَاتِ من الموائد، أو سؤالِ مَنْ يُعْطِي ومَنْ يمنع، يكفيه أنْ بدأَ مِنْ أوّل السُّلّم، إلـى أنْ تَبَوّأَ القِمّة.
تعاظمَ " محسن البلوشي "في عينيّ أكثرَ، لأنّ "نَظَراتِ الاستهجانِ، والإشفاقِ ، لَمْ تَمْنَعْهُ مِنْ مَسْح أرضيّة المطعم، أو الاستمرارِ فيه، أو تُحْبِطَ مِن معنوياتِهِ، بل أعطتْهُ دافعاً للمُضِيِّ قُدُماً في تحقيق طموحاتهِ مُسْتَقْبَلاً".
هذا الشبابُّ ومَنْ سارَ على منهجِه، حَرِيٌّ بأنْ يُقَدّمَ عَبْرَ وسائل الإعلام نموذجاً للشبابِ العصاميّين، الذينَ لَمْ يستكينوا، ولم يُسَلِّموا أنفسَهم للدّعَةِ، والرّاحَةِ، والكسلِ، والخمول،وإنّما يسعوْن في الأرض بحثاً عن الرزقِ الحلال، ولقمةِ العيش غيرالمعجونةِ بالخوْف، أو الـمُشْبَعَةِ بالرهبة.
كمْ في المجتمعِ السعودي أمثال هذا الشاب ؟ أجِدُ بَيْنَ حينٍ وآخر، شباباً أعتزُّ بـهم وأفخَرُ، ضربُوا الأمثلةَ في: الصّبْر، والتضحية، وكَسْر الحاجزِ النفسيِّ الذي يقفُ دونَ أنْ يعملَ الإنسانُ في مِهَنٍ بسيطةٍ، حتّى لوْ كانت مسْح أرضيةٍ بلاط في مطعم، فَعَمَلٌ كهذا ليس عيبْاً، إنما العيبُ في عدم التمييز بين: لغة العمل ولغة البِطالة، والتغلب عليها لا يتمُّ بالاستنادِ إلـى العيْب، وإنّما على وضْعِ الركائزِ السليمةِ لترشيدِ العَلاقَةِ بيْن العمَل، وأبسطِ الـمِهَن، حفاظاً على حقِّ الإنسان في العمل، وحمايته مِنْ جُورِ البِطَالة، وتعزيز استقلاليته.
حَيُّوا مَعِيَ هذا الشاب، وكُلَّ مَنْ سارَ ويسيرُ على مَنْـهَجِه، فإنّـهُمْ يتعاظمونَ في أعيُنِ العُقَلاء.

 

 

   

رد مع اقتباس