مُذ آذَنَت بَيننا الحسناءُ بِالدُّهُمِ
والمُستباحُ دمي مِن أدمعي العِصَمِ
يـا قاتِلي بِسهام الّلحظِ في كبدي
لادِيّةً تُرتجى أو ثأرَ مُـنــتَـــقِـــــمِ
يا طالما نَصَبت عيناي مِن شَرَكٍ
واصطادني هَدَبٌ يَشكو مِن السَّقَمِ
هَلاّ رَفِقتَ، فلا مُضناكَ تَهجُرُهُ
أطيافَكُم بِكَرىً، أو إن صَحا يَهِمِ
إن كُنتُ مُجتَرِحاً سوءاً بِعِشقكمو
فالعَفو أفضلُ ما في المرءِ مِن شِيَمِ
كَم لائِمٍ أضحى أُذُناً لنا لَمّا
ذاق الجوى، فدَنا مِن لَذّةِ الألَمِ
إنّي ضَرِعِتُ لِمَن سَوّاكَ مِن عِوَجٍ
أن نَستقيمَ على عَهدٍ ومُنتَسَمِ
فاللهُ يَجمعنا مِن بَعدِ فُرقَتنا
حتّى يُثيبُ رِضىً ذو الجودِ والكَرَمِ
يارَبُّ ألهِمنا في أمرنا رِشَدا
واصلح لنا قَلباً قَد ضلَّ في الظَّلَمِ
واغسِل خطايانا بالثلجِ والبَرَدِ
واروِ لنا ظمئاً مِن أطهرِ الدِّيَمِ
قَد ضَلَّ مَن ندعو إلاّكَ يا ربي
يا واحداً أحداً يا مُسْبِغَ الِّنعَمِ
شَفِّع بِنا عَبْدأً أولَيتَهُ نِعَماً
فكان أفضَلَ مَن يَمشي على قَدَمِ
آمَنتُ أنّ رسول اللهِ مُختَتِمٌ
دَعوى النبينَ للإسلامِ في الأُمَمِ
فاعظِم بِمَن جاءَ بالِتّوحيدِ مُنْتَجَباً
و اكرِم بهِ خاتَماً بَل مِسكَ مُخْتَتَمِ
لِلعالمين سَرت أنوارُ رَحمتِهِ
لا فَضلَ لِلعُربِ في التّقوى على عَجَمِ
ماذا يُضيفُ لَهُ المُدّاح إن مَدحوا
مِن بَعدِ خالِقهِ في سُورَةِ القَلَمِ
الصِّدقُ والعَفو والإكرامُ شيمَتَهُ
والعزمُ والصَّبرُ والإقدامُ في القُحَمِ
يا خَيرُ مَن طلَعَت شَمْسٌ عليهِ ضُحىً
وخيرُ مَن ضَمّت أرضٌ مِن الأدمِ
واللهُ يُنجينا فَضلاً بِرحمتهِ
مِن بَعدِ موقفنا في المَحشَرِ الوَخِمِ
والحَوضُ مُنتَظِرٌ وِرداً لَهُ قُدُماً
وِرْدَ الأُسودِ أَتَت مِن أدغُلِ الأجَمِ
والجنّةُ الأعلى شوقاً له فُتِحَت
والحُورُ تَهْزِجُ تَرحيباً مِن الخِيَمِ
يا سَعدَ مِن ظَفِروا يوماً بِصُحبَتِهِ
وخابَ مَن حُرِموا مِن نِعمَةِ السّلَمِ
أزواجهُ دُرَرٌ، أصحابهُ نُجُبٍ
ونورُهُم قَبَسٌ مِن نُورِهِ العَمَمِ
يا رَبُّ إن حُرِمَت أجفاننا نَظَراً
فامنُن بِصُحبَتِهِ في جَنّةَ النِّعَمِ
للشاعر قاسم المومني