عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2012, 12:09 AM   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 



الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد:
فاتقوا الله - عباد الله -، واعلموا أنه بالحق قامَت السماوات والأرض، فاتبعوا الحق وأهلَه حيث كانوا، وتذكَّروا قولَ علي - رضي الله عنه -: "لا تزيدُني كثرةُ الناس حولي عزَّةً، ولا تفرُّقهم عني وحشةً".
فلا تستوحِشوا في طريق الهُدى لقلَّة من يسلُكُه.
ثم اعلموا - عباد الله - أن الله - سبحانه - بيَّن في كتابه حالَ أكثر الناس في قوله: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[الأعراف: 187]، وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ[المائدة: 103]، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ[الرعد: 1]، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ[البقرة: 243]، وقال أيضًا: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ[المائدة: 49].
وما ذاك - عباد الله - إلا لأن العلمَ يتبَعُه العقل، وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ[العنكبوت: 43]، ومن علِم فقد عقَل، ومن عقَل آمنَ فشكرَ، ونأى بنفسه عن الفسق والانحراف، ولذا فإن من وقع في الفسق فإن ذلك بسبب نُقصان واحدٍ من هذه الأمور؛ إما عدمُ العلم، أو عدمُ العقل، أو عدمُ الإيمان، أو عدمُ الشكر. وهذا كلُّه مُحبِطٌ للثبات والفلاح؛ لأن هلاكَ الأمم إنما يكونُ بالفسق المُقصِي للعلم، والعقل، والإيمان، والشكر، وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا[الإسراء: 16].
وتوافُر العقل والعلم والإيمان والشكر يُولِّدُ - ولا شك - قيمةً مُطلقةً تتمثَّلُ في النُّصح والإصلاح للحِفاظ على كِيان الأمة، وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ[هود: 117]، أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ[ص: 28، 29].
هذا وصلُّوا - رحمكم الله - على خيرِ البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، صاحبِ الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسه، وأيَّه بكم - أيها المؤمنون -، فقال - جل وعلا -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وزِد وبارِك على عبدك ورسولك محمدٍ، صاحبِ الوجهِ الأنور، والجَبين الأزهَر، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابةِ نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وعن التابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسنةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّيْن عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم أصلِح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أصلح أحوال إخواننا المُسلمين في سائر الأوطان، اللهم كن لإخواننا المسلمين المُضطهدين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم انصرهم في بُورما وفي سوريا وفي بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم عجِّل لهم بالنصر والفرَج، واجعل شأن عدوِّهم في سِفال، وأمرَه في وَبال يا ذا الجلال والإكرام.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[البقرة: 201].
سبحان ربِّنا رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين .

 

 

   

رد مع اقتباس