عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2012, 09:37 PM   رقم المشاركة : 98
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

الخطبة الثانية
الحمد لله، الحمد لله القوي القادر، وهو - سبحانه - العزيزُ الناصِرُ، وأشهد أن لا إله إلا الله الملكُ الحقُّ القاهرُ، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فلا تزالُ الدماءُ تجري ظُلمًا على ثَرَى سُوريا، والمجازِرُ تُرتكَبُ أمام سمعِ العالَمِ وبصره، ولا يردَعُ مُرتكِبيها دينٌ ولا أخلاقٌ، وقد أذِنَ الله لمن يُقاتَلون ويُظلَمون بأن لهم حقَّ الدفاعِ عن أنفسهم، وفي بعضِ المواطِنِ لا يُجدِي الوعظُ ولا النُّصحُ.
لكِ اللهُ يا شام! فلم يشهَد هذا العصرُ شعبًا يحكُمُه عدوُّه كما شهِدَت الشامُ، ساسَها حاكِمُها كعدُوٍّ، وأدارَ شُؤونَها كجلَّاد، وعامَلَها مُعاملةَ الجزَّار وأيُّ جزَّارٍ؟! تكادُ مجازرُ طاغِيتها تُنسِي مجازِرَ القرامِطةِ والتَّتَر، غاضَت الرحمةُ من صُدورهم، وتلاشَت الإنسانيَّةُ من أفعالهم، وأصبحَ ذبحُ النساء والأطفالِ من تسالِيهم، وتدميرُ البلاد من أمانِيهم.
لعنَهم الله لعنةَ عادٍ وثمود، وقتلَهم قِتلةَ أصحاب الأُخدود، وعجَّل عل طُغاتها أيامٍ نحِساتٍ وسُود، وأوردَهم عاجِلًا ظُلمةَ اللُّحود.
وإن الواجبَ على العالَمِ أن يقوم بمسؤوليَّته أمام هذه الكارِثة التي طالَ أمَدُها، وتتابَعَ ألمُها، وتعظُمُ المسؤوليَّةُ على العربِ والمُسلمين خاصَّةً، فليتنادَوا لنُصرة المظلوم، وكفِّ الظالِم، وليكن الحلُّ عمليًّا وعاجِلًا؛ فإن الأيام لا تزيدُ الباغِي إلا سُعارًا، ولا ترى منه إلا جحيمًا ونارًا.

أيها السوريون:
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ[الحج: 39]، لقد بالَغَت العِصابةُ الحاكمةُ في الظلمِ، وهذا مُؤذِنٌ بفَرَجٍ قريب، والظلمُ مُؤذِنٌ بزوالِ المُلكِ، وتعجيلِ العقوبةِ؛ فأبشِروا: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ[الصف: 13].
وقد تكفَّل الله باليُسر مع العُسر، فاجتمعَت لكم أمارتان على النصر، دافِعوا بكل ما تقدِرون عليه، وتوكَّلوا على الله؛ فما خابَ من توكَّلَ عليه، وقد رأيتُم خُذلان الأمم وعُصبتها.
لقد راهنَ الطُّغاةُ كثيرًا على أن الفوضَى هي البديلُ لطُغيانِهم، فأخلِفوا فألَهم، وأكذِبوا ظنَّهم، وأجمِعوا أمرَكم، ووحِّدوا صفَّكم، واتقُوا اللهَ في أنفُسِكم وأهلِيكم، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ[الأنفال: 1]، عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا[النساء: 84].
عسى الله أن يكُفَّ البأسَ عنكم، ويدفعَ الشرَّ عنكم.
هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا على النبي المُصطفى والرسول المُجتبى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابتهِ الغُرِّ الميامين، اللهم ارضَ عن الأئمة المهديين، والخلفاء الراشدِين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابةِ نبيِّك أجمعين، ومن سارَ على نهجِهم واتبع سنَّتهم يا رب العالمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم من أرادنا وأراد بلادنا بسوءٍ أو فُرقة فرُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل تدبيرَه دمارًا عليه.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عملَه في رِضاك، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحةَ، اللهم وحِّد به كلمةَ المسلمين، وارفع به لواءَ الدين، اللهم وفِّقه ووليَّ عهده وسدِّدهم وأعِنْهم، واجعَلهم مُبارَكِين مُوفَّقِين لكل خيرٍ وصلاحٍ.
لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرش العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السماوات وربُّ الأرض وربُّ العرش الكريم، لا إله إلا أنت سُبحانك، عزَّ جارُك، وجلَّ ثناؤُك، وتقدَّسَت أسماؤُك.
اللهم يا مَن لا يُهزَمُ جُندُك، ولا يُخلَفُ وعدُك، ولا يُردُّ أمرُك، سُبحانك وبحمدك، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوالَهم في سوريا، اللهم اجمَعهم على الحقِّ والهدى، اللهم احقِن دماءهم، وآمِن روعاتهم، وسُدَّ خَلَّتهم، وأطعِم جائعَهم، واحفَظ أعراضَهم، واربِط على قلوبهم، وثبِّت أقدامَهم، وانصُرهم على من بغَى عليهم، اللهم فُكَّ حِصارَهم، اللهم فرَجَك القريب.
اللهم انتصِر لليتامَى والثَّكَالَى والمظلومين، اللهم رُحماكَ بهم يا أرحم الراحمين، ويا ناصِر المظلومين.
اللهم عليك بالطُّغاة الظالمين، اللهم عليك بالطُّغاة الظالمين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يُعجِزونَكَ، اللهم أنزِل بهم بأسَك ورِجزَك إلهَ الحق.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنةَ نبيك وعبادَك المؤمنين، اللهم انصر المُستضعَفين من المسلمين في كل مكان، واجمَعهم على الحقِّ يا رب العالمين، اللهم انصُرهم في فلسطين على الصهاينة المُحتلِّين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[البقرة: 201].
اللهم اغفر ذنوبنا، واستُر عيوبَنا، ويسِّر أمورنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالنا، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالدِيهم وذُريَّاتهم إنك سميعُ الدعاء. ربَّنا تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم.
سبحان ربِّك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

   

رد مع اقتباس