عرض مشاركة واحدة
قديم 04-29-2012, 11:51 PM   رقم المشاركة : 91
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

الخطبة الثانية
الحمد لله، الحمد لله الكريم الفتَّاح، أحمده - سبحانه - فالقُ الحبِّ والنوى والإصباح، وأشكرُه على نعمٍ تتجدَّدُ في الغُدُوِّ والرَّوَاح، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً هي للجنةِ مِفتاح، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه بيَّن لأمته سبيلَ الفلاح، صلّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه ذوي الجُودِ والكَرَم والسماحِ، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ما سجَى ليلٌ وأشرقَ صباح، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، أيها المسلمون:
وإن من مظاهرِ الرِّضا والطُّمأنينة والسَّكينة ما تعيشُه بلادُنا - بلادُ الحرمين الشريفين، المملكةُ العربيةُ السعوديةُ - من أمنٍ وإيمان، وما تضطَلِعُ به من أدوارٍ ومسؤوليَّاتٍ نحو شعبِها ومُواطِنيها والمُقيمين على أرضِها ونحو أشِقَّائها وأصدقائِها.
ومن مظاهرِ ذلك: ما يقومُ به مُمثِّلُوها ودبلوماسيُّوها من مهامَّ ومسؤوليَّاتٍ في كل بلدٍ يحلُّون فيها؛ سواءً في مناطِق آمِنة أو في مواقِع مُضطرِبةٍ مُتوترة، جاعِلين في أولوياتهم مُراقبَةَ الله وتَقواه، ثم القيامَ بمسؤولياتهم، مُتجاوِزين التحديات، مُستسهِلين الصِّعابَ. أعانَهم الله وسدَّدَهم، وبارَكَ في جهودِهم وأعمالهم.
وإن مما يُؤسَفُ له: ما تعرَّض له الدبلوماسيُّ السعوديُّ الأستاذُ عبد الله الخالديُّ الذي يعملُ في اليمن الشقيق؛ فقد تعرَّضَ لاعتداءٍ وخطفٍ، فكَّ اللهُ أسرَه، وأعادَه إلينا آمِنًا سليمًا مُعافَى.
معاشر الإخوة:
إن القيامَ بخَطفِ إنسانٍ بريءٍ أعزَل دليلُ عجزٍ وإفلاسٍ وتخبُّطٍ وتشتُّتٍ، وهو سُلوكٌ إجراميٌّ من تنظيمٍ إجراميٍّ تتولَّاهُ شِرذِمةٌ ضالَّةٌ، تقتاتُ على الحِقدِ، وتُمارِسُ الجريمةَ، وتستهدِفُ أمنَ الديارِ والشعوب، وتُلقِي بنفسِها في أحضانِ الأعداء - أعداء أهلها ودينِها وبلادِها -، شِرذِمةٌ شريدةٌ طَريدةٌ أُلعوبةٌ في أيدي النَّاقِمين على بلادِنا في أمنِها وإيمانها واجتماع كلمتِها، والتِفافِها حول قيادتها.
فئةٌ ضالَّةٌ تلقَّفَهم الأعداءُ فاتَّخذوهم مطايا وجُسورًا لتنفيذِ مُخطَّطاتهم، يعيشون في الكهوفِ، وشعَفِ الجبال، وبُطون الأودِيَة، في شقاءٍ وبلاءٍ، ومُخادَعةٍ للنفوس، وضياعٍ للأعمار، وإفناءٍ للشباب، يُعانُونَ من أزمَاتٍ عاصِفة، ويُشبِعون نَزَعاتٍ إجرامِيَّة؛ بل إنهم يعكِسون حالةَ الانهِيارِ في دواخِلِهم مُشرَّدون، كلما وجَدوا ملجأً أو مغاراتٍ أو مُدَّخَلًا ولَّوا إليه وهو يجمَحون، لا قرارَ لهم ولا إرادة، في تجمُّعاتٍ بائِسة، وتصرُّفاتٍ يائِسة.
أما أحكامُ الدين فهم منها بَراء؛ بل إنهم لا يُقيمون لتعاليم الإسلام وَزنًا، وهم يزعُمون أنهم يحتكِمون إليها.
هل اختطافُ المُسالِمين العُزَّل من الدين؟!
في أحكام الإسلام إذا كان المُسلِمون في أرضِ المعركة، وفي حال القِتال والمُواجَهة، وحين يكون الوطيسُ حامِيًا؛ فإن المُقاتلين المُسلمين ممنوعون من أن يقتُلوا وليدًا أو امرأةً أو شَيخًا أو، يُمثِّلوا بآدميٍّ أو بهيمةٍ، أو يقطَعوا شجرةً، أو يغدرُوا، أو يغُلُّوا. هذا في عموم الناس.
أما الرُّسُل - وهم السفراءُ، والمُمثِّلون، والمندُوبون، والقناصِل - فالحالُ أشدُّ منعًا، وحينما جاءَ رسُولا مُسيلمة إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقال: «تشهَدا أني رسولُ الله؟». قالا: أتشهدُ أن مُسيلِمَة رسولُ الله؟! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «آمنتُ بالله ورُسُله، لو كنتُ قاتِلًا رسُولًا لقتلتُكُما». قال عبدُ الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه -: "فمضَت السُّنةُ أن الرُّسُل لا تُقتَلُ".
وهؤلاء يخطِفون، ويقتُلون في مخالفةٍ صريحةٍ لأحكامِ الله وأحكامِ رسولِه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإفسادٍ في الأرض، وانتِهاكٍ للحُرمات، يجمعُون بين الجهل بدين الله وظُلمِ عبادِ الله، وأيُّ جهلٍ واضطرابٍ وعَبَثٍ أشدُّ من المُطالَبَة بتسليمِ نساءٍ إلى خارجِ بلادهِنَّ في تعدٍّ صريحٍ على أحكامِ الشرعِ، ثم على حقوقِ أهليهِنَّ ومحارمِهنَّ.
إخوتَنا وأحِبَّتنا:
أما دولتُنا فموقفُها ثابتٌ واضِحٌ، حكيمٌ عادِلٌ، فهي ترفضُ الابتِزازَ، ناهِيكُم إذا كان من فِئاتٍ إرهابيَّةٍ إجراميَّةٍ، والمملكةُ لا يُمكِنُ أن تُساوِمَ على عدلِها القضائيِّ، وحُكمِها المَتين، وسياستها الراشِدة، ولن تُسلِّمَ مُواطِنيها لجهاتٍ مشبوهةٍ أو مشبوهةٍ؛ بل تُسلِّمُهم لأهلِيهم وذَوِيهم في ظلِّ وطنِهم الآمِنِ العادِل، البلدِ الذي يُقيمُ شرعَ الله، ويرفعُ رايةَ الكتابِ والسنةِ دستورًا وعملًا، ولا ندَّعِي الكمالَ والعِصمةَ.
أما وزارةُ الداخِلية في بِلادِنا فكم كانت حِصيفةً حين فضَحَت هؤلاء الشِّرذِمة، حين أذاعَت الحديثَ الهاتفيَّ الدائِرَ بين أحد الخاطِفين والمسؤول السعوديَّ ليتجلَّى ما يعيشُه هؤلاء الضَّالُّون من اضطرابٍ وتشتُّتٍ وإجرامٍ وسُوءِ تدبيرٍ. لقد أوضحَت هذه المُكالمةُ ما فيه هؤلاء من تراجُعٍ وإفلاسٍ وضعفٍ وتشتُّتٍ وتخبُّطٍ، قد جُفِّفَت منابِعُهم، وقُتِّلَ رُؤساؤهم، ونبَضَت مصادِرُ تمويلهم.
وإننا من هذا المنبرِ نُصحًا وشفقةً وقُربةً إلى الله - عز وجل - ندعُوهم إلى التوبةِ والإنابةِ، ومُراجعة النفس، والعودة إلى الطريق الحق والهدى المُستقيم، ونبذِ الشر والفساد والإفساد والضلال، ومن قبلُ ناداهُم أُولو الأمرِ ليعُودوا إلى رُشدِهم وإلى بلادهم التي تحتضِنُهم وتُؤويهم. كما ناداهم العلماءُ والدعاةُ والخُطباءُ وأهلُ الرأيِ، وناداهُم كلُّ غَيورٍ ومُحِبٍّ؛ بل لقد ناداهُم آباؤهم وأمهاتُهم وأزواجُهم. فهل يفقهون ويتذكَّرون ويرجِعون؟!
اللهم اهدِ ضالَّ المُسلمين، اللهم اهدِ ضالَّ المُسلمين، وبصِّره بالحق، واحفَظنا اللهم من بين أيدينا ومن خلفِنا وعن أيماننا وعن شمائِلنا، ونعوذُ بعظمتك اللهم أن نُغتالَ من تحتِنا.
ألا فاتقوا الله - رحمكم الله -؛ فإن القلبَ متى خالطَتْه بشاشةُ الإيمانِ واكتحَلَت بصيرتُه بحقيقة اليقين، وحيَّ بروح الوحي، وانقلَبَت النفسُ الأمَّارةُ بالسوء راضِيةً مُطمئنَّةً؛ فقد رضِيَ كلَّ الرِّضا، والسعيدُ من رضِيَ بما عندَه وقنِعَ بما لدَيْه، ومن أطاعَ مطامِعَه استعبَدَته.
هذا، وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة: نبيِّكم محمدٍ رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم، فقال في محكم تنزيله قولًا كريمًا - وهو الصادقُ في قِيلِه -: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبيِّنا محمدٍ الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزةَ الدين، واخذُل الطغاة والملاحِدة وسائر أعداء الملَّة والدين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمَّتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتَنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا بتوفيقك، وأعِزَّه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين، وأمِدَّ في عُمره على طاعتك، واجمَع به كلمةَ المسلمين على الحق والهُدى يا رب العالمين، اللهم وفِّقه ونائِبَه وإخوانَه وأعوانَه لما تُحبُّ وترضى، وخُذ بنواصِيهم للبرِّ والتقوى.
اللهم وفِّق ولاةَ أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنَّة نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتَهم على الحق والهدى يا رب العالمين.
اللهم احفظ إخواننا في سوريا، اللهم احفظ إخواننا في سوريا، اللهم اجمع كلمتَهم، واحقِن دماءَهم، فهم مصباحُ الصباح، ورمزُ الثبات، وصورةُ البَسالة، صورةُ بَسالةٍ وعِزَّة أخجَلَت القريبَ والبعيد، اللهم احفَظهم، واجمع كلمتَهم، واحقِن دماءَهم، واحفَظ اعراضَهم، وأطعِم جائِعَهم، اللهم واشفِ مريضَهم، وارحم ميِّتَهم، وآوِي شريدَهم، اللهم فُكَّ حِصارَهم، واربط على قلوبهم، وثبِّت أقدامهم، وانصُرهم على من بغَى عليهم.
اللهم واجعل لهم من كلِّ همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا، ومن كل بلاءٍ عافيةً، اللهم أعِنهم ولا تُعِن عليهم، وانصُرهم ولا تنصُر عليهم.
اللهم عليك بالطُّغاة الظلَمة في سُوريا، اللهم إنهم قد طغَوا وبغَوا وآذَوا وأفسَدوا وأسرَفوا في الطُّغيان، اللهم عليك بهم فإنهم لا يُعجِزونك، اللهم اجعل تدميرَهم في تدبيرهم، واجعل دائرةَ السوء عليهم يا قويُّ يا عزيزُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[الأعراف: 23]، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[البقرة: 201].
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[النحل: 90].
فاذكروا اللهَ يذكُركم، واشكُرُوه على نِعَمه يزِدكُم، ولذِكرُ الله أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنَعون.

 

 

   

رد مع اقتباس