ايها الاخوة والاخوات :
في اتصال هاتفي شرفني به الصديق والحبيب المتجدد حبه دوما الأستاذ صالح بن احمد العباير ، زميل الطفولة والدراسة والشباب والكهولة ، اثار ذلك الاتصال ذكريات جميلة واياما سعيدة لا تُنسى مرت وكأنها حلم بلغت بضعا وستين سنة ، لم تخبو شعلة صداقتنا بل تزداد لمعانا وبريقا كلما تقدم بنا العمر .
حدثني عن الامطار التي هطلت على منطقة الباحة ، جعلها الله امطار خير وبركة وعم بنفعها البلاد والعباد .
تذكرت تلك الايام السعيدة وذلك البشر الذي يعلو الجباه كلما هطلت الامطار وجاء الخير ، تذكرت عندما تمتلئ الآبار وتتفجر النجول ( جمع نجل بفتح النون وتسكين الجيم وهي الجداول الصغيرة التي تسيل عقب الامطار الغزيرة ) تذكرت تلك الخضرة والجمال ، تذكرت السباحة في الآبار والتنافس الشريف ومن يستطيع البقاء تحت الماء لمدة اطول ومن يستطيع أن يأتي بالامارية (عود من العثرب يقشر ويرمى في الماء ويترك حتى يختفي ويطلب من احد المتنافسين الغوص واحضارالعود من قاع البئر ) .
تذكرت صيد العصافير ورعي الغنم وحماية المزروعات من الطير تذكرت العشة والكب ( ترجم يا مترجم ) تذكرت نسيم الليل العليل وذلك الهدوء الليلي والذي لا يشغله الا تلك السمفونية من صوت حشرات الليل ونقيق الضفادع .
تذكرت ذلك التكاتف والتعاون بين سكان القرية وتجمّعهم في منزل احدهم عندما لا يمكنهم البقاء في منازلهم لكثرة القطاطير ( لكثرة الامطار تتسرب المياه من سقوف المنازل على شكل قطرات متتالية وتسمى قطاطير مفردها قطّار ) عقب المطر فيتجمعون غالبا في منزلنا والفرحة لا تسعنا نحن الاطفال نتيجة ذلك التجمع وكأننا اسرة واحدة ، وكل يأتي بما تيسر له من طعام ويطيب السهر وتكثر السوالف والقصص .
وفي النهار ينطلق كل إلى عمله الرجال والنساء والكبير والصغير فتراهم كخلية النحل ولا يحبسهم في المنازل الا استمرار نزول الامطار .
تذكرت كل ذلك عقب تلك المكالمة من توأم الروح والحبيب الغالي الأستاذ صالح العباير حفظه الله .
وتقبلوا جميعا خالص تحياتي وتقديري .