عرض مشاركة واحدة
قديم 03-24-2012, 12:19 AM   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

لا يرفعُ البلاءَ إلا الدعاء
ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة 18/3/1433هـ بعنوان: "لا يرفعُ البلاءَ إلا الدعاء"، والتي تحدَّث فيها عن الواجب على كل مسلمٍ تجاه الفتن والمِحن التي تدور ببلدان المسلمين، وبيَّن أن أعظمَ مخرجٍ منها هو الدعاء وصدقُ الالتِجاء إلى الله تعالى.

الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهرِه، العليم بحال العبد في سرِّه وجهره، يسمعُ أنينَ المظلوم عند ضعف صبره، ويجُودُ عليه بإعانته ونصره، أحمدُه على القدر خيرِه وشرِّه، وأشكره على القضاء حُلوه ومُرِّه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ[الروم: 25]، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جادَ السَّحابُ بقطره، وطلَّ الربيعُ بزهره، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فإن تقواه أقوى ظهيرٍ، وأوفَى نصيرٍ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون[آل عمران: 102].


أيها المسلمون:
الزمانُ صُروفٌ تجُول، ومصائِبُ تصُول، ومن نابَته نوبةٌ، وعرَته نكبَةٌ، وغشِيَته بلِيَّةٌ، وحلَّت بساحته مِحنةٌ أو فِتنة، أو تسلَّط عليه ظالمٌ، أو نالَه عدوٌّ مُناوِئ، فليلُذْ بالله تعالى، وليتوكَّل عليه، وليثق بمولاه، وليتحلَّ بعِصمة الصبر، وصريمة الجلَد، وعزيمةِ الاحتِساب، وليتضرَّع بالفألِ الحسَن، والتوبةِ والإنابة، والرجوع إلى الله تعالى.
ومن لاذَ بالله تعالى هدأَ توجُّعه، وسكَنَ تفجُّعُه، والهلَعُ والجَزعُ لا ينشُران مطويًّا، ولا يرُدَّان حتمًا مقضيًّا، ولا عزاءَ إلا التسليمُ والرِّضا، والصبرُ على ما قدَّر الله وقضَى وكتبَ وأوجبَ وأمضَى.
أيها المسلمون:
أحسنُ الكلام في الشكوَى سُؤال المولَى زوالَ البَلوى، فاستدفِعوا أمواجَ البلاء بالتضرُّع والدعاء، فليس شيءٌ أكرمُ على الله - عز وجل - من الدعاء، وأعجزُ الناسِ من عجِزَ عن الدعاء، ولا يرُدُّ القدَرَ إلا الدعاءُ، فأكثِروا من الدعاء والمُناجاة؛ فإن الله يسمعُ دعاءَ من دعاه، ويُبصِرُ تضرُّع من تضرَّع إليه وناداه، ومن سألَ اللهَ بصدقٍ وضراعةٍ كشفَ عنه بَلواه، وحماه ووقاه وكفاه، وحقَّقَ له سُؤلَه ومُناه.
وما على الأرضِ مُسلمٌ يدعُو اللهَ بدعوةٍ إلا آتاه الله إياها، أو صرفَ عنه من السوءِ مثلَها، أو ادَّخَر له من الأجرِ مثلَها ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحِمٍ.
أيها المسلمون:
وأنتم ترَون ما حلَّ ببعضِ بلادنا العربية والإسلامية من الأحداث والاضطرابات، والصِّداماتِ والنِّزاعات والمواجهات، والفتن والحُروب، والبلاء العظيمِ والشرِّ المُستطير، لا تغفُلُوا عن التوجُّه إلى الله بصدقٍ وإنابة، والدعاء لإخوانكم بالحفظِ والرعايةِ والصيانة والسلامة من تك الفتن والشُّرور.
وليس لنا إذا أحاطَت الحُتوف، ونزلَ الأمرُ المَخوفُ، واشتدَّ الكَربُ، وعظُمَ الخَطبُ إلا اللهُ - جل في عُلاه -، وقد كان سيدُ الخلقِ نبيُّنا وسيدُنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - يدعُو عند الكَربِ بهذه الدعوات: «لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السماوات وربُّ الأرض وربُّ العرش الكريم».
وحسبُنا الله ونِعمَ الوكيل، قالَها إبراهيمُ - عليه السلام - حين أُلقِيَ في النار، وقال نبيُّنا وسيدُنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - حين قالوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل[آل عمران: 173].
فارفَعوا أكُفَّ الضراعة، وتوسَّلوا إلى الله بلوان الطاعة أن يرَمَ إخوانكم المُستضعفين والمُضطهَدين والمَنكوبين في كل مكان، ادعُوا دعاءَ الغريقِ في الدُّجَى، ادعُوا وأنتم صادقون في الرَّجَا أن يجعل الله للمُسلمين من كل همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا.
اللهم اجعل للمُسلمين من كل همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا.
أيها المسلمون:
لا مخرجَ من أزماتنا إلا صِدقُ اللجَأِ إلى الله تعالى؛ فهو العظيمُ الذي لا أعظمَ منه، والكبيرُ الذي لا أكبرَ منه، والقادِرُ الذي لا أقدرَ منه، والقويُّ الذي لا أقوى منه، العظيمُ أبدًا، حقًّا وصِدقًا، لا يُعصَى كرهًا، ولا يُخالَفُ أمرُه قهرًا، ومن كان الله معه فمعه الجُند الذي لا يُغلَب، والقوةُ التي لا تُرهَب، والعزيمةُ التي لا تذهَب، والعِزُّ الذي لا يُسلَب.
ومن كان مع الله في السرَّاء والضرَّاء، والشدَّة والرخاء، والعلانية والخفاء كان مُؤيَّدًا منصورًا، وعادَ عدوُّه مُهانًا مدحورًا، صاغِرًا مقهورًا، مُصفَّدًا مأسورًا، وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ[الحج: 40].
بارك الله ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من البيِّنات والآيات والعِظات والحِكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا.

الخطبة الثانية
الحمد لله، الحمد لله بارئ النَّسَم، ومُحيِي الرِّمَم، ومُجزِل القِسَم، مُبدِع البدائع، وشارعِ الشرائع، دينًا رضيًّا، ونورًا مُضيًّا، أحمده وقد أسبغَ البرَّ الجزيل، وأسبلَ السترَ الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ عبدٍ آمنَ بربه، ورجا العفو والغفران لذنبه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعِه وحِزبه صلاةً وسلامًا دائمَيْن ممتدَّيْن إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ[الأنفال: 29].
أيها المسلمون:
يا من تعيشُون في أمنٍ وافِرٍ، ورخاءٍ ظاهِر، وعافيةٍ ضافِية، ونعمةٍ صافِية، يا من دفعَ الله عنكم فتنًا وشُرورًا، وأمرًا كان محذورًا، لا تكونوا ممن عمَّه فضلُ ربِّه فارتدَّ، وأدركَه وابِلُ النِّعَم فاعوَجَّ، لا تكونوا أغفالاً من حُسن الادِّكار، وجليل الاعتِبار، وأحسِنوا مُجاوَرة النِّعمَة؛ فمن غمِطَ النِّعمة استنزَلَ النِّقمة.
وتعوَّذُوا باللهِ تعالى من زوا نعمته، وتحوُّل عافيته، وحُلول نقمته، واحمَدوا الله مولاكم على ما أولاكم من نعمةِ الأمن والرخاء والاستقرار، وحافِظوا عليها.
وانظُروا في أحوالكم الدينية؛ كيف فرَّط الكثيرُ منا في الأوامر، ووقعَ في المعاصِي والمخازِي والمناكِر؟!
وانظُروا في أمرِ الصلاة؛ كيف هجَرَها كثيرٌ من شبابِنا وفتياتِنا،وأهمَلَها كثيرٌ من أبنائِنا وبناتِنا؟!
وانظُروا إلى المساجِد في صلاة الفجر؛ كيف نامَ أكثرُ الناس عنها، وتساهَلوا فيها، وتسامَحوا فيها، حتى صار ذلك لا يُعدُّ بينهم قدحًا ولا عيبا.
وقِيسوا على ذلك عظيمَ ما نحن عليه من الغفلةِ والصُّدود لتعلَموا كم نحن على خطرٍ من عقوبةٍ تحِلّ، وعافيةٍ تزِلّ!
فاتقوا الله - أيها المسلمون-، وتدارَكوا ما أنتم فيه بالتوبة والإنابة، والتناصُح بينكم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراقبة أولادكم في أمر الصلاة والدين والسلوك والأخلاق.
عباد الله:
إن الله أمرَكم بأمرٍ بدأَ فيه بنفسِه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحَةِ بقُدسه، وأيَّه بكم - أيها المؤمنون - من جنِّه وإنسِه، فقال قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على النبي المُصطفى المُختار، اللهم وارضَ عن خلفائه الأربعة أصحابِ السنَّة المُتَّبَعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر آلِه وأصحابهِ أجمعين، والتابعين لهم وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وجُودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، ودمِّر أعداءَ الدين، ودمِّر أعداءَ الدين يا رب العالمين.
اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها وعِزَّها واستقرارَها.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ بناصيته للبرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه ووليَّ عهده لما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المُسلمين يا رب العالمين.
اللهم طهِّر المسجدَ الأقصى من رِجسِ يهود، اللهم طهِّر المسجدَ الأقصى من رِجسِ يهود، اللهم عليك باليهود الغاصبين، اللهم عليك باليهود الغاصبين، والصهاينة الغادِرين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجِزونك، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجِزونك، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجِزونك.
اللهم احفَظ أهلَنا في سورية، اللهم احفَظ أهلَنا في سورية ومصر واليمن وليبيا، اللهم احفَظهم من كل سوءٍ وشرٍّ وفتنةٍ يا رب العالمين، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، وصُن أعراضَهم، وصُن أعراضَهم، واحفَظ أموالَهم، وادفَع عنهم الشُّرورَ والفتنَ، اللهم ادفَع عنهم الشُّرورَ والفتنَ والمِحَن، اللهم ادفَع عنهم الشُّرورَ والفتنَ والمِحَن يا أرحم الراحمين.
اللهم من أرادَنا أو أراد بلادَنا أو أرادَ بلاد السلام والمُسلمين بسوءٍ، اللهم فأشغِله في نفسه، واحبِسه في بدنه، وعذِّبه في جسده، اللهم اكشِف سِرَّه، واهتِك سِترَه، وأبطِل مكرَه، واكفِنا شرَّه، واجعلهُ عِبرَة يا رالعالمين.
اللهم عليك بالطُّغاة المُجرمين، اللهم عليك بالطُّغاة المُجرمين، اللهم عليك بالطُّغاة المُجرمين الذين قتَلوا الأبرياء، وسفَكوا الدماءَ، وعذَّبوا الشيوخَ والأطفالَ والنساء، يا سميعَ الدعاء.
اللهم يا عظيمَ العفوِ، يا واسِعَ المغفرة، يا قريبَ الرحمة، هَبْ لنا من لدُنك مغفرةً ورحمةً، وأسعِدنا بتقواك، واجعلنا نخشاك كأننا نراك يا أرحم الراحمين.
اللهم ارحم موتانا، وعافِ مُبتلانا، واشفِ مرضانا، وانصُرنا على مَن عادانا يا ربَّ العالمين.
اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين، اللهم سُقيا رحمة، اللهم سُقيا رحمة، اللهم سُقيا رحمة، لا سُقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرَقٍ.
اللهم إنا خلقٌ من خلقك، فلا تمنَع عنَّا بذنوبِنا فضلَك، اللهم اسقِنا واسقِ المُجدِبين، وفرِّج عنَّا وعن أمة نبيِّنا وسيدِنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - أجمعين.
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[النحل: 90].
فاذكروا الله العظيمَ الجليلَ يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكرُ الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

   

رد مع اقتباس