
قال الله تعالى


آل عمران
المشهورُ في سببِ نزولِ هاتين الآيتين الكريمتين ؛
أنَّ الخطاب فيهما للنبيّ – صلى الله عليه وسلم –
والمراد : الأمة ؛
وذلك أنَّ الْمُسْلِمِينَ
قَالُوا : هَؤُلاءِ الْكُفَّار لَهُمْ تجارة ،
وَأَمْوَال فِي الْبِلاد ,
وَقَدْ هَلَكْنَا نَحْنُ مِنْ الْجُوع ; فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآية .
أَيْ لا يَغُرَّنَّكُمْ سَلامَتُهُمْ بِتَقَلُّبِهِمْ فِي أَسْفَارهمْ ،
وضربهم في الأرض .
وما أشبه الليلة بالبارحة !
فحينما يتسلل الإحباط ، واليأس إلى نفس المؤمن ،
وهو يرى ما عليه الكفار اليوم من التمكين في الأرض ،
وما يملكونه من القوة والهيمنة ، وعندما يرى جيوشهم ،
وعددهم ، وعتادهم ،
ويرى صناعاتهم وتقنيتهم فينتابه شعور بالنقص إزاء ما حققّه القوم من رقي ،
وتقدم في عالم الحضارة والمدنية ،
ويصبح متأرجح التفكير في حاضر ماثل للعيان يجسد ضعف أمة الإسلام وهوانها بين الأمم ؛
تأتي هذه الآية الحكيمة كالبلسم الشافي تعيد إلى نفس المؤمن توازنها ،
وتشعره بالعزّة ،
وتضع الأمور في نصابها في بيان حقيقة ومصير أولئك القوم ومآلهم الذي سيصيرون إليه ؛
فتتحقق له الطمأنينة ويستشعر عزّة الإسلام ونعمة الإيمان
التي امتنَّ الله بها عليه يوم أن جعله مؤمناً بالله موحداً له ،
ومنزّهاً له عن الشرك .
إنهم مهما بلغوا من الرقي ومن التطور
ومهما ملكوا من الدنيا فإنه (متاع قليل) إذا ما قُورن بنعيم الآخرة ،
ثم مأواهم جهنم هي حسبهم ،
وبئس المآل ، والقرار .
اللهمّ أعزَّ الإسلام والمسلمين ،
وأذلّ الشرك والمشركين .
تحياتي
...........