
قال الله تعالى ، في مطلع سورة المجادلة :

المجادلة
المشهورُ في سببِ نزولِ هذه الآيةِ الكريمةِ
أنّها نزلت في خَوْلة بنت ثعلبة ،
والتي جاءت تشكي زوجها أَوْس بن الصامت
– رضي الله عن الصحابة جميعاً – إلى رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم - ؛
فقد روى البخاريّ عن عائشة – رضي الله عنها –
أنها قالت :
" الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعه الأصْوَات ,
لَقَدْ جَاءَتْ الْمُجَادِلَة تَشْكُو إِلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ,
وَأَنَا فِي نَاحِيَة الْبَيْت مَا أَسْمَع مَا تَقُول ,
فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : (( قَدْ سَمِعَ اللَّه قَوْل الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوْجهَا)) " .
وفي رواية عند أصحاب السُّنن :
" تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُه كُلّ شَيْء ,
إِنِّي لأسْمَع كَلام خَوْلَة بِنْت ثَعْلَبَة ،
وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضه , وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجهَا إِلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ,
وَهِيَ تَقُول : يَا رَسُول اللَّه !
أَكَلَ شَبَابِي وَنَثَرْت لَهُ بَطْنِي ,
حَتَّى إِذَا كَبِرَ سِنِّي وَانْقَطَعَ وَلَدِي ظَاهَرَ مِنِّي ,
اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك ! فَمَا بَرِحْت حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيل بِهَذِهِ الآيَة " ،
ويُروى أنَّ خولة التقت عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –
وهو يسير مع الناس فَاسْتَوْقَفَتْهُ فَوَقَفَ لَهَا وَدَنَا مِنْهَا وَأَصْغَى إِلَيْهَا رَأْسه ،
وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتهَا وَانْصَرَفَتْ فَقَالَ لَهُ رَجُل :
يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ حَبَسْت رِجَالات قُرَيْش عَلَى هَذِهِ الْعَجُوز ؟!
قَالَ : وَيْحك وَتَدْرِي مَنْ هَذِهِ ؟
قَالَ : لا !
قَالَ : هَذِهِ اِمْرَأَة سَمِعَ اللَّه شَكْوَاهَا مِنْ فَوْق سَبْع سَمَوَات ؛
هَذِهِ خَوْلَة بِنْت ثَعْلَبَة ،
وَاَللَّه لَوْ لَمْ تَنْصَرِف عَنِّي إِلَى اللَّيْل مَا اِنْصَرَفْتُ عَنْهَا
حَتَّى تَقْضِي حَاجَتهَا إِلَى أَنْ تَحْضُر صَلاة فَأُصَلِّيهَا
ثُمَّ أَرْجِع إِلَيْهَا حَتَّى تَقْضِي حَاجَتهَا .
وأصل (الظِّهَار) أن يقول الرجل لامرأته :
" أنتِ عليّ كظهر أمي " ؛ أي : كحرمة ظهر أمي ،
وهو حرام لا يجوز الإقدام عليه ؛
لأنه كما أخبر الله عنه منكر من القول وزور وكلاهما حرام ،
فإذا أمسك الرجل زوجه فلا يقربها حتى يُكفّر كفارة ظهار وهي كما قال تعالى :
((فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا)) ،
والظهار كان طلاقاً في الجاهلية فقرر الشرع أصله ،
ونقل حكمه إلى تحريم مؤقت بالكفارة غير مزيل للنكاح ،
فعلى المسلم أن يحفظ لسانه ،
فهو أصل البلايا والرزايا ؛
وقديماً قالوا : ما مِن شيء أحوج إلى طول حبسٍ من لسان !
اللهمّ احفظ ألسنتا أن نقول زوراً ، أو أن نغشى فجوراً .
تحياتي
...........