عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2011, 12:29 AM   رقم المشاركة : 64

 

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا لم يزَل فيَّاحًا، ابتغاءً لمرضاتِهِ واستِمناحًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أشرقَ نورُها وضَّاحًا، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه أخلصَ الدينَ لله دعوةً وإصلاحًا، اللهم فصلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلهِ وصحبِه الأُلَى نشَروا التوحيدَ غُدُوًّا ورواحًا، فعمَّ البسيطةَ هِضابًا وبِطاحًا، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا عباد الله:
اتقوا الله في السرِّ والعلَن، واحمَدوه على ما شرعَ لكم من التوحيدِ وسنَّ، واحذَروا شوبَه بما ظهرَ من البدعِ وما بطَن، واعلمُوا أن أصدقَ الحديثِ كتاب الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وشرَّ الأمور مُحدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ.
أمة التوحيد والسنة:
إن المُتأمِّل البصير الذي يرومُ عِزَّةَ أمته هو من يستنطِقُ الحادِثات المُستجِدَّات في ضوءِ أصولها الكُلِّيات تجاوُزًا للتحديات، وتخلُّصًا من الصِّراعات، وإننا لنُعيذُ أمتنا - وهي تُكابِدُ من المِحَن ما تُكابِد - أن يتفاقَمَ بلاؤُها من ذاتِها أكثرَ من عُداتِها.
وفي هذه الآونةِ خُصوصًا تعظمُ الأمانة وتجِلُّ المسؤولية المُناطةُ بأهل العقيدة، وحملَة الشريعة، ورجال العلم والدعوةِ والإصلاح، السائرين على المنهجِ الربانيِّ الوضَّاح، وكذا القادةُ والساسةُ أن ينتشِلوا المُجتمعات والأجيال من أوهاقِ الافتِئاتِ على العقيدة، والمُزايَدة على مرامِيها البَلْجاءِ العَتيدة، وأن يتَّخِذوا من التوحيد والسنة أطيبَ سَقْيِ وغِراسٍ، وخيرَ مِنهاجٍ ونِبراس، لإصلاحِ أحوالِ الأمة، وتوثيقِ اتحادها، ودحرِ الأرزاءِ عنها، وتحقيقِ أجلِّ مُرادها، ولن يكون ذلك إلا بالاعتصامِ بالكتابِ والسنةِ؛ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا[آل عمران: 103].
بني الإسلامِ قد حانَ اعتصامٌ
بحبلِ اللهِ نهجًا والتِزامًا
لنرفعَ رايةَ الإسلامِ عدلاً
ونحمِي حوزةَ المجدِ اعتِزامًا
إذ ذاك؛ يأبَى الله - سبحانه - تحقيقًا لوعده إلا أن يُتِمَّ نورَه بكشفِ الغُمَّة ونصرِ الأمة، الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ[الأنعام: 82].
هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على أزكَى البريَّةِ قدرًا، المبعوثِ في الدياجِي بدرًا، من أعلى رايةَ التوحيدِ والسنةِ نهيًا وأمرًا؛ فقد قال - جلَّ في عُلاه - قولاً كريمًا، ولم يزَل سميعًا عليمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب: 56].
مُحمدٍ المُختارِ والآلِ بعدَهُ
وأصحابِهِ الغُرِّ الكرامِ الأكابرِ
مدَى الدهرِ والأزمانِ ما قالَ قائلٌ
لك الحمدُ اللهمَّ يا خيرَ ناصرِ
اللهم صلِّ وسلِّم على سيدِ الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبِهِ الغُرِّ الميامين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، والأئمةِ المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُلِ الشرك والمشركين، ودمِّر الطُّغاةَ والمُفسِدين وسائرَ أعداء الدين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم وفِّقنا لكل خيرٍ يا رب العالمين، اللهم أيِّد بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا.
اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفَين إلى ما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه ووليَّ عهده وخُذ بنواصيهم للبرِّ والتقوى، اللهم وفِّقهم وإخوانَهم وأعوانَهم إلى ما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين، وإلى ما فيه خيرُ البلاد والعبادِ يا رب العالمين.
اللهم احفَظ على هذه البلاد عقيدَتها وقيادتَها وأمنَها واستقرارَها ورخاءَها يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم رُدَ عنا كيدَ الكائدين، وعُدوان المُعتدين، ومكرَ الماكرين، وحسَد الحاسِدين، اللهم واكفِنا شُرورَهم بما شِئتَ يا رب العالمين.
اللهم كُن لإخواننا المُستضعفين في عقيدتهم واتباعهم لسنة نبيِّك - صلى الله عليه وسلم -، المُتمسِّكين بمنهجِ سلَفهم الصالح، اللهم كُن لهم في كل مكانٍ يا رب العالمين.
اللهم احقِن دماءَ المُسلمين، اللهم احقِن دماءَ المُسلمين، اللهم احقِن دماءَ المُسلمين، وأصلِح أحوالَهم في كل مكانٍ.
اللهم احفَظ على إخواننا في يمننا وفي شامِنا وفي كل مكان أمنَهم واستقرارَهم يا حيُّ يا قيُّوم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم إنا خلقٌ من خلقِك، فلا تمنَع عنا بذنوبِنا فضلَك، اللهم إنا نستغفرُك إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسِل السماءَ علينا مِدرارًا.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[البقرة: 201].
ربَّنا تقبَّل منَّا إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوَّابُ الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميعِ المسلمين والمُسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياءِ منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.

 

 

   

رد مع اقتباس