أخي الإنسان:من أقبحِ العُيوب أن يَسعى أحدُنا إلى تزكية نفسه في التَّعامل مع النَّاس , فيكون وفياً لهم بالعُهود , وصادقاً معهم في الوعد , وحريصاً على جَبر الخَواطر , وبعيدً عن خَدش المشاعر , ولكن يكونُ مع الله تعالى غادراً ناكثاً للعُهود قليل حياءٍ منهُ إذا خَلا بالمحارم , والله تعالى يقول 
 وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ 
 , ويقول النَّبيُّ 
 في الصَّحيح 
 اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاس 
 , ويقول 
 
 فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ 
.
 أنا مقتنعٌ تماماً بأنَّ مُصطلحَ (الإنسانيَّـة) الذي صارَ مديحاً وتزكيةً هُو في حقيقتهِ سُبَّـةٌ وعارٌ , لأنَّ الإنسانيَّـةَ المُجرَّدة عن الدِّيانة الصحيحةِ تحملُ كل هذه القاذورات الأخلاقيَّـة , ولا يهذِّبُها إلا أن تصطبغ بصبغة الله الماثلة في هداية كتابه وسُنَّـة نبيه 
 للتي هي أقوم.
 يقولُ ابنُ القيم 
 عن النَّفس 
 وفِيهَا مِنْ أخْلَاقِ البَهَائمِ : حِرْصُ الغُرَاب , وشَرَهُ الكَلبِ , وَرُعُونَة الطَّاوُوسِ , وَدَنَاءَةُ الجُعَل , وَعُقُوقُ الضَّبِّ , وَحِقدُ الجَملِ , وَوُثُوبُ الفَهْدِ , وصَوْلةُ الأسَدِ , وفِسْقُ الفَأْرَةِ , وَخُبْثُ الحَيَّةِ , وعَبَثُ القِرْدِ , وجَمْعُ النَّمْلَةِ , ومَكْرُ الثَّعلَبِ , وخِفَّةُ الفَرَاشِ , ونَومُ الضَّبْعِ , غَيرَ أنَّ الرِّياضَةَ والُمجَاهَدَةَ تُذهِبُ ذَلكَ 
 , وهذا يدُلُّ على أنَّ الإنسانيَّـةَ المُجَرَّدة تجمعُ كل هذه القَبَائح ما لمم تتحلَّ بالدِّين الصَّاقل لأدرانِها , الفوائد بتحقيق/ محمد عُزير شمس ( 106 – 107)