.
*****
الفصل الرابع
(مفاجأة)
وخلفها استرسل الصياد يجري وينبع
وبندقه لاتجاه
صياد خفيف الخطى يظهر ويغطس وينكع
مثل الشبح ماتراه
مجنون بالصيد فوق الحيد الاعلى تشنقع
بايده ورجله حباه
نزل وبعد الحجل زغر ولكن على اربع
يمشي ويجري وراه
واحيان مثل الحنش يزحف وبالطرف يتبع
صيده ويحسب خطاه
والصيد فن ابصره كيف أبتطح كيف وضع
نفسه وجمد قواه
واطلق بسرعة وقام ينظر فإن كان وقع
فقد صوابه وتاه
يفرح وينسى من الفرحة حذاته ويدسع
في الشوك يافعلتاه
وإن كان خيب رجع ينتف قذاله ويصفع
خده ويلعن اباه
الصيد عنده هوايه ليس بالصيد يطمع
إلا ليرضي هواه
ما أعجب الفجر بين الليل والصبح يجمع
وللوداع التقاه
عند إفتراق الطريق، رحب بعالم وودع
عالم مواكب حياه
دبت حياة النهار والليل وأهله تقشع
كلين يعرف مداه
ويلتقي عند خيط الفجر غادي قد اسرع
بمن تأخر سراه
عوالم الصبح تلقى عالم الليل الاسفع
على اختلاف اتجاه
فالعيل يخرج وسرب البوم يرجع ويقبع
في الكهف يغزل دجاه
والفهد عايد وفي شدقه علامات تقطع
بكل ماقد أتاه
مخضب الشدق والأظفار مما قد أشبع
من الفرايس هواه
بين القرض والعسق يمرق وجلده مبرقع
وفي عيونه دهاه
مايبصره حي إلا صاح منه أو أسرع
يهرب ويطلب نجاه
ف(القهل) في الحيد يتوجل وربحان تقوع
من هيبته حين تراه
وبين الاحراش (سار) انسل يجري ويهبع
حازق على الصيد فاه
وراه خلف عجوز فوق (المدج) تقرع اربع
باربع لما قد جناه
خنق جميع الدجاج واختار بس ام قندع
وشلها لاسقاه
و(سمع) يجري ومن خوفه يدور ويرجع
يبصر أو أحد قفاه
وأرنب أنسل في غشه من الخوف جمع
جسمه بكامل قواه
وسرب غزلان قال للسهل: هيا توسع
وهب يعمل خطاه
يطوي المسافات بالجري الموقع ويقطع
بعد الفلاه الفلاه
ماتبصر إلا غباره في الهوى قد تقصع
ما أضعف وما أقوى المهاه
وكلب لما تمطى اقعى بشدقه وودع
نومه وقال انتباه
وكلب لا قريته عايد وبالليل صوع
لصوت كلبه داه
وكلب يجري ورا ثعلب ويتعب ويرجع
والثعل يرجع وراه
يصرخ ويعطس ويستهزي بدرباس الاجدع
ولا التفت له فهاه
ما أجمل الصبح في ريف اليمن حين يطلع
مارق وانقى سناه
جدد مسير الزمن وايقظ وأحيا، ورتل، ووقع
للناس لحن الحياه
والناس منهم من استيقظ وتمتم ورجع
وقام يتلي دعاه
أو من تلفلف وقام يلبس وشمر وقوفع
وسار والله معاه
إما مزارع مبكر أو مسافر قد أزمع
على السفر وانتواه
ومشتري له غرض في السوق يسرح ويرجع
بما يهمه شراه
(يشتاط) أو يشتري (محراث) أو فأس يقطع
أو مجرفه أو لداه
أما (الفقيه) فانطلق أذن على الناس واسمع
حلول وقت الصلاه
والراقدين بينهم من نام مجهد فما امتع
يجيب داعي دعاه
أو من رحل حين حل الفرض صلى بمنبع
كمل وضووه بماه
وبينهم من حضر صلى جماعة وودع
بركعتين للإله
وبينهم من أحس البرد فاخذى وجمع
من حول جسمه دفاه
ومن سمع لكن الحافز بقلبه مضعضع
فادرن وواصل كراه
وبينهم من توضى له ببيته وقرمع
فريضته في جباه
وتاجر أسرع وشل الخرج حقه ووضع
على الحمار واعتلاه
متوجه السوق يشتي يوصل السوق فيسع
وعاد هو في حماه
بضاعته للرعية (بز) (قاز)(زيت خروع)
صيفه وحب الحياه
وللغواني.. بليزق عطر وأقراط تلمع
كهرب ومطلي هواه
وللصغار بخت أو قريح وشكليت منوع
دمى تصيح أباه
وزارعي من غبش بكر تأزر وقوفع
وشل فأسه معاه
يشتي يسوي عمل في حر ماله ويرجع
يضمد معا من دعاه
والزارعي قام يتمهر وينزل ويطلع
لأن عنده شقاه
والزارعي صاحب الما هب من اجل يرفع
في الحقل مجرى مياه
مادام دوله فهو في السايله قام يهرع
سربه ويقصى قصاه
أصل المغارس قديه بالموت والما قد انشع
وربما ما كفاه
ماسربه الا لطرحة شمس يمكن بموضع
يسقي ويترك سواه
وفي ضميره يقول ياليت والغيل ينبع
من بحر فياض ماه
في القيظ ماينتقص ولا الشتا فيه يقطع
وكل من جا سقاه
أو ينعم الله بسيله تسقي الوادي اجمع
ترويه الى منتهاه
وحارس البن في الوادي الى البيت يرجع
وفي يمينه عصاه
في إزرته من تباشير الجنى جمع اربع
حنط لقهوة بداه
يدقها بعد ماتيبس على النار ويجرع
بشاير أول جناه
ما أجمل الصبح والاصوات من كل موضع
تحكي شجون الحياه
حديث جارات هذه قالت.. الجمر رمع
ماعاد معياش لصاه
والثانية قالت الكبريت ماعاد ينفع
من صنعة الوقت آه
ماغير قد الصيت قم ياابني قيام أجحم اربع
كسس لهم قال:ناه()
أصوات في كل منزل طفل صوته تقطع
وما هجع من بكاه
أمه وابوه غايبين في الحقل مااحد تسمع
ولاعرف ما شكاه
وطفل ثاني سعل وابوه يصيح ليش ماسرع
هذه الدوا في شفاه
وأمه تقول سرحه عند الفقيه كم بينفع
من ناس يا ربتاه
وابوه يقول: خلي الشعواذ قد الخالق أبدع
لكل داء دواه
وطفل يصرخ ويظهر ان هو قام يرضع
وامه تقول هي فداه
وطفل رابع خرج بطري يزغبر وذرع
مطلع وبين غواه
قصدك شطانة عيال ان مالقي لعب يرجع
يلعب بذياك هاه
مفاجأة
=====
ماذا لو حطينا الرحال على إحدى الربوات الريفية لنرتشف لحظة تأمل واسترخاء على شبق الخريف في فيزياء الضوء وستمر لحظات برفقة الصمت.. متلمسين برود الشفاه حين يغادرها الليل، ونمعن النظر إلى ستار الغبش الذي سيفاجئنا ليس بالرحيل بعيداً وإنما بالتلاشي والانكماش في الضوء المبكر لتظهر.. بعد ذلك ملامح مسرحية صباحية فريدة تبدأ بعرض موسيقى جميلة وبمؤثرات صوتية وعلى ملئ من المتعة لتلامس أصوات الطيور شغاف قلوبنا لنبدأ بفرز الاصوات وقدر الامكان سنفصل ونسمي بعض الانواع.
في هذا الفصل المطلوب من المسرحية سيحمل لنا فكرة عميقة جداً تنضح بفلسفة الحياة وطبيعة عيش الكائنات وسنرى كيف يتغلب مذهب القوة في الحياة.. فالطيور التي ستورد اسماءها أو صفاتها في هذا الفصل سنجد كل نوع يخاف من الاقوى الى أن تصل الغلبة للنسر اليماني وستتنوع حركات الطيور وطقوس حياتها الجديدة التي أعلنها الصباح.. فمنها من يتجه نحو الماء ليستحم في ضفافه ومنها من يذهب الحقل ليمتص السنابل التي أقتربت من الايناع أو النضج.. فمن خلف ستار الضوء سيتلو علينا الشاعر هذه التفاصيل ونحن نتابع حركة الصورة الصباحية للطيور.
ما أجمل الصبح يبدي كل (ساع) منظر أبدع.. في أرضه أو في سماه
أطياره أنواع.. طير أسرع «بوحيه» وأقلع.. دعا اليفه وجاه
من غصن لاغصن ذا يسبق وهذاك يتبع.. كلين يلحق هواه
وطير ينسل من عشه يرفرف وينبع.. ويورد أحلى المياه
وطير ما قد أمن يبدي برأسه ويرجع.. كنه يراقب عداه
وطير مولوع بالتغريد غنى ورجع.. صوته وطرب غناه
وطير مهجور قلبه في نواحه تقطع.. يشكي لواعج أساه
وطير لله حكمه فيه يلبس ويخلع.. على مجاري هواه
ماشم ريح الربيع إلا ووشى ووشع.. ريشه وطرز رداه
بأحمر وباخضر وباصفر ينتفش لاجل تطمع.. صواحبه في هواه
من حكمة الله ما كلّين على الارض يجزع .. إلا وهمه بقاه
وهكذا ينهي الشاعر الارياني الجزء الاول من هذا الفصل بذكر مشاهد وتفاصيل وحركات الطيور الجميلة والمختلفة، ولم يورد أسماء أو صفات الطيور المفترسة.. ويحمل هذا الجزء فكرة عميقة هي أن كل ماهو على الأرض لايمضي إلا وهمه ملازما له، هذا الهم هو الحفاظ على النوع والبقاء.. ومعنى ساع حين أو ساعة ويعني بها لحظات و(لي) على.
وفي الجزء الثاني من الفصل الثاني يلتقط مشهداً أو فصلاً متعجباً منه وهو الاطار الذي جمعنا من بداية السطور.. ولكن على خشبة مسرحية الطيور التي تغاير طيور الجزء الأول حيث نسمعها تحت مؤثرات صوتية بل وبصرية خيالية او ساستحضار المشاهد التي الفناها في الريف.
ما أجمل الصبح خلا الطير تزجل وتسجع.. كنه لمقصد عناه
حتى الجوارح على شم المشاريخ تسمع عقبانها والبزاه
في القمة الباشق الابقع بيصرصر ويرفع.. رأسه بكل اتجاه
مالاح له صيد إلا ابرز بأظفار تفجع.. وشل نفسه وراه
ينقض مثل القدر فارد جناحين تنزع.. من جوف صيده كلاه
والنسر الاخذر من أعلى الحيد في الجوز زوبع.. صاروخ يمخر سماه
وبعد هذه المشاهد سيفتح الشاعر ستار التعجب من جديد من نفس الاطار الزمني لكن على مشهد اكثر متعة ورقة وجمال لنرى ماذا يجرى في حضرة الديكة وفي صورة اسكتشية تكسر حدة التطويل الممتع.
ما أجمل الصبح والأدياك في كل موقع.. تحكي توالي خطاه
فـ«ديك» مثل الجرس مضبوط لا ساعة أربع.. عن موعده ماعداه
ماحلت إلا وأذن والجرس كان يقرع.. في وقت واحد معاه
تقول ساعة (سويسرلند) من شغل مصنع.. يصنع دقيق الاداه
وديك من قريته صيح وثنى وسمع.. صوته وقلد نداه
وديك ثالث خرج يحجل ومن بعده اربع.. تزحل وتخطب هواه
ما يبصر الحبة إلا صاح من قال أنا أسرع.. يشلها له جباه.
وبعد هذا المشهد يتدخل الشاعر مقاطعاً ومذكراً بنوعين آخرين من الطيور من «الحجل» العقبان البري «العقب» ونوع آخر ينتقل من حقل لآخر ليجهش يحقي الثمار ومعنى يحقي ينتزع الحبوب من السنابل.
وأطيار فوق الشجر تجني ثمر طاب وأينع... واعلن لها عن حلاه
وأطيار في البر تتبختر وتحقي وترتع.. إما حجل أو قطاه
(للكاتب محمد محمد إبراهيم .. منقول بتصرف بسيط)
يتبع
*****