.
*****
المتعارف عليه أن تكون الهجرة من الصحاري والأرياف إلى المدن للبحث عن الرفاهية والتمدن والتلذذ برغد العيش
لكن أم راشد رحمها الله وغفر لها خالفت المألوف فقررت الهجرة من بلد الحضارة والثقافة والتنوير إلى بلاد الحرمين الشريفين وبالتحديد إلى بلاد غامد التي لم تنعم في تلك الحقبة بالمدنية ولم يعرف أهلها في ذلك الزمن رغد العيش أو الرفاهية أو التمدن
اختارت أم راشد رحمها الله بمحض إرادتها الغربة عن الوطن والأهل والأقارب والمعارف لتهاجر وتعيش في بلاد لم تسمع بذكرها أو تعرف عنها أي شيء
حملتها الأقدار لتتعرف على شريك حياتها الذي دفعته الأقدار إلى السفر إلى بيروت عاصمة لبنان الطوائف والمتناقضات ليتلقى العلاج فكان النصيب ينتظره والخيرة فيما اختاره الله
اعتقد أن أم راشد رحمها الله وصلت بلاد غامد قبل عام 1370هـ سيراً على الأقدام وسكنت قرية عراء وليس لها بعد الله إلا شريك حياتها الذي كان لها القلب الكبير والعون والسند
قررت أم راشد المتعلمة المثقفة أن تكون بعد الله سبحانه وتعالى العون والملاذ للمريض فقدمت خبرتها في علاج جميع الأمراض بما تيسر لها من الإمكانات البسيطة ولم تتذمر أو تتهاون أو تتأفف أو تتخاذل أو تعتذر
كان المريض يدق باب الدكتورة في الليل أو النهار ويجد الترحيب والتكريم ثم العلاج ولم يذكر أحد من غامد وزهران أن الدكتورة أغلقت الباب في وجهه أو في وجه أي مريض أو أنها حددت وقت لفتح العيادة ووقت لراحتها أو اشترطت أي مقابل مادي مع أن الدكتور محمد باشندي حدد مواعيد لفتح عيادته ومبلغ للفحص ومبلغ للإبرة التي يعطيها كل مريض يراجعه
أتذكر أم راشد رحمها الله عندما تحضر من قرية عراء إلى قرية العبالة لمساعدة بعض النساء أثناء الولادة وهي في قمة سعادتها بما ستقدمه وكأنها تخرج من بيتها إلى بيت جارتها
تغربتي يا أم راشد وكافحتي وجاهدتي وقدمتي الكثير من التضحيات في سبيل رضا الله سبحانه وتعالى ثم في رضا زوجك واجتهدتي في تربية أبنائك فهنيئاً لكها بما قدمتِ لوجه الله تعالى وهنيئاً لك بالسيرة العطرة والذكر الطيب والسمعة الحسنة الناصعة البياض وهنيئاً لك أن كان آخر عهدك بالدنيا الصلاة عليك في بيت الله العتيق والدفن في اطهر بقعة على وجه الأرض
ولـ أبنائك نقول انعم وأكرم بالرجال الأوفياء راشد وعبدالله ومحمد واحمد
شكراً أبا محمد على تخليد ذكر والدة الجميع أم راشد رحمها الله وغفر لها وأسكنها الجنة
*****