عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-2011, 01:57 AM   رقم المشاركة : 14

 

نوادر أبو سالم مع الحيوان: العنـز

بقلم : عبدالعزيز مشري

للشاعر في القرى مقام المحسود، وله الموضع المذكور عند الصبايا ، وله مناعة القول، وله في شدة المناسبات حكم الفصل وطاعة القاضي.. فلم لا يكون أبو سالم شاعراً ؟
ولم لا يفرط في هذه الأمنية بين يدي الجماعة بين حين وحين ؟

قالوا، نتسلى بإيهامه .

وقالوا علها تصيب، وعلها تخيب، فإن صابت فما أسهلها علينا ن وإن خابت فما أصعبها عليه.

أشاروا عليه ، أن شياطين الشعر لا تأتي كل من يرغبها .. لكنها قد تجيء لمن يطارح وحدته معها في الليل بقفر بعيد عن المساكن، على أن يذبح لها عنـزة ، يمرغ دعوتها بدمها .. يخلع جميع ملابسه ويقعد إلى جانبها .. عاريا كما خلقه الله .

تناطحت الظنون بخاطر أبو سالم ، ووازن بين الرغبة والمخاطرة ، وكان الخوف من جن الليالي المغدرة ، ينمو مع كل الأهالي منذ الطفولة، وكذا نما مع أبو سالم إلى جانب عشقه للشاعرية .

غيرة أنه عزم ، وكان إذا عزم قبض على دلدول لحيته ، وجذبها بعنف بسيط حتى تنجذب انفرادة الشفة السفلى .

فاختار عنزة سوداء من بين القطع ، وأركبها كتفيه، فتدلت أطرافها عن اليمين، وعن الشمال، وبدأ رأسها بقرنيه وأذنيه الهاطلتين كالخرق الخاملة .

وعلى حين نوم الناس بعد صلاة العشاء، وهب قدميه للفيافي البعيدة التي لا يحدها سوى شبح الجبال في الظلام .

أنزل العنـزة عن كتفيه على مهل ، وكأنه يسكب سمناً من القربة، لكن هدوء انسيال السمن في القرب، ليس كالزمامير النافرة من لسان العنـزة وسط الفيافي في الليل .

شحذ سكينه على حافة صخرة بارزة، وفرك بحدها رقبة العنـزة فخرخر الدم، وتدافعت أطرافها الأربع في الفضاء الرحب طويلاً .

لم يفصل الرأس عن الجسد؛ حتى استوى منتصباً كالجذع، وخلع ملابسه واحدة بعد واحدة، .. ثم قعد متكئاً إلى الصخرة منتظراً شياطين الشعر حتى الصباح .

علم الأهلون أن الغداء على ذبيحة عند أبو سالم وقالت زوجته، أنه جاء بها مذبوحة، وتعب في سلخ جلدها الذي برد على لحمها في الليل، وأن الحمى تهز أوصاله .

وكان أبو سالم يمضغ قطعة متجلدة من لحم العنـز، يبتلعه كما الحنظل في صمت جارح لا يعرف معناه إلا هو .

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس