عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-2011, 01:55 AM   رقم المشاركة : 13

 

نوادر أبو سالم مع الحيوان: القطـة
بقلم : عبدالعزيز مشري


لم يكن السبب الذي جعل من هدوء أول الليل، وتهيؤ كبير العائلة وصغيرها، للعشاء المنتظر، جديراً بحاصل ما حصل .
فها إن أبو سالم يدفئ يديه المطهرتين بماء الوضوء.. على خفوت النار المتهالكة أمام قعدة جسده الملموم كالقبضة، وإلى جانبيه : الزوجة التي هتكت طاقتها منذ صلاة العصر، تعجن في قدر متوسط أسود.. الطحين والماء والملح ، وتسوط بهراوة قصيرة عصيدة الذرة .

وثلاثة أولاد ، أثنان بزوجتيهما، وكلاهما ينتظران مولوداً ، وبنت في التاسعة .

كانت قطة رمادية هزيلة كالخرقة .. تموء، وتلف بمكان الجمع، وحيناً تهرهر، وتمسح برأسها .. ثم بذيلها على ركبة القاعد .. نهرتها زوجة الأبن الكبير :

هيا انقلعي .. ما تشبعين يا مسعورة ؟!

نظر أبو سالم : إليها مؤنباً بنظرته الرخوة :

لا .. لا ، رزقها من رزقنا .

أمتدت يد سالم إلى ذيلها وجذبها كأنما يشد دلواً فارغاً، فتشبثت القطة بركبة أخيه، وغرزت مخالبها الأمامية ، فصعق من الوجع .

حينمـا فزعـت القطـة.. كانت تلقي بخوفها وهشاشة عودها حيثما التجأت .. في صحن العصيدة والمرقة تنضح ببخار حارق، وتندلق .. وحيث أن أبو سالم قد هذب لقمة أولية ، وحفف أطرافها ، وجعل حفرتها على هيئة فنجان القهوة الصغير، ولم يهيأ لها أن تغمس في المرقة.. هزها بين أصابعه، وقذف بها، فجاءت دون عمد في وجه زوجة الابن الصغير، وكانت هي الأخرى، تجهز لقمتها، وظنت أن القذيفة اللينة تلك .. جاءت من يد الزوج، ولسبب ما دحرجت لقمتها أمام يدها ، فوقعت مع الغضب في جبين سالم .

قال الناس :

عيال أبو سالم تحاذفوا العصيدة .

الله يكثر العيش غداً ينتقم منهم رب الأرزاق .

تحفرها أصغر الثيران ، وتطيح فيها أكبر الثيران .

الله لا يضلنا العقل نعمة .. حسدوا القطة .. فأكلت حتى انتفخت .

كانت القطط تحوم في المناسبات حول دار أبو سالم ثم تنصب آذانها، وتجري كالريح، فبعد ضحية عيد الحج، جلس أبو سالم يقطع اللحم إلى فتافيت صغيرة ، تحفظ مع الملح والبهار الأسود، بعد طبخها ادماً لليالي الآتيات، إذ امتد رأس القطة فاجتز سالم أنفها بحد السكني، وقذف بها إلى الساحة.

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس